القادة نيوز

وزير الأوقاف يكتب: “القول السديد”

كتب وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، مقالاً هاماً على موقعه وصفحته تحت عنوان: “القول السديد”، قال فيه: 

“يقول الحق سبحانه : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا” (الأحزاب : 70 , 71) .

  ففي تفسير هذه الآية ذكر المفسرون أقوالا عديدة من أهمها : أن القول السديد هو الصدق , والحق , والعدل , والقصد , وقال بعضهم : هو قول لا إله إلا الله , وقال بعضهم : هو الإصلاح بين الناس , وقال بعضهم : هو الكلام الذي يوافق ظاهره باطنه , وقال بعضهم هو عام في جميع الخيرات وفي كل ما ذكر , وهو ما أميل إليه .

  فنحن مطالبون بأن نقول الصدق , ونتحرى العدل في الأقوال والأفعال , حيث يقول الحق سبحانه وتعالى : ” وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” (الأنعام : 152) , ويقول سبحانه : ” وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ” (النساء : 58) , وقد نهانا ديننا الحنيف عن الكذب وقول الزور , حيث قال نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “ألا أُنَبِّئُكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور – أو قول الزور ، وكان رسول الله (صلَّى الله عليه وسلَّم) مُتَّكِئًا، فجلَس، فما زال يُكرِّرها؛ حتى قلنا: ليتَه سَكَتَ” (صحيح مسلم) .

  فالكلمة أمانة والعاقل هو من يفكر قبل أن يتكلم , والأحمق من يتكلم دون أن يفكر , فالكلمة قد تودي بإنسان , بل ربما بمصير أمة , ولخطورة الكلمة يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ” (متفق عليه) , والمقصود يلقى الكلمة لا يفكر في معناها ولا تبعاتها ولا ما قد تجر عليه أو على بلده , ولهذا كان الصمت خير من الكلام فيما لا يفيد , حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ” , وعن سيدنا معاذ بن جبل (رضي الله عنه) قال: كنت رديف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال لي : ” أَلَا أَدُلُّكَ على رَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ؟ ” قُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ: ” رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ” ، ثُمَّ قَالَ : ” أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ ” قُلْتُ : بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ فَقَالَ : ” اُكْفُف عَلَيْكَ هَذَا , فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ قَالَ : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ ! وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ – إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ؟” , ويقول الحق سبحانه : “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ” (ق : 16-18).

  الكلمة إما أن تكون كلمة طيبة ترتقي بصاحبها إلى عنان السماء وإما خبيثة كشجرة خبيثة تجر على صاحبها الندم والشقاء , حيث يقول الحق سبحانه : “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ” (الرعد : 24-26) .

  فعلى العاقل أن يقول خيرًا أو يصمت , وألا يتدخل أو يتحدث فيما لا يعنيه , وأن يفكر قبل أن يتكلم , وإن تكلم فقولا سديدًا , متحريًّا الصدق , والعدل , والحكمة , والقصد , وفعل الخيرات , والنهي عن المنكرات , وهو ما يرضي الله (عز وجل) ويحقق صالح الحياة والممات.