القادة نيوز

إيهاب الكردي يكتب ….رمضان و شاكوش و صناعة الفنكوش

إنتشرت في الأيام القليلة الماضية حملات لمقاطعة المدعو محمد رمضان و دعوات لمقاطعة أغاني المهرجانات لكائن غريب يدعي حمو بيكا و آخر يدعي حسن شاكوش و بالأخير قد أصدرت نقابة المهن الموسيقية قرار بحظر التصريح علي حد تعبيرهم لمطربي المهرجانات.
فهنا يا سادة لابد أن نتوقف عند هذا التحول في الذوق العام الذي هو وثيق الصلة بالسلوك العام و اللذان قد انحدرا انحدارا شديدا و لم يكن هذا الانحدار وليد اللحظة بل أخذ في التدرج في غفلة من المجتمع و ظل كالسرطان ينتشر في جسده حتي وصل إلي النخاع ألا و هو زهرة شبابه و الآن يدعو الكبار من الآباء و الأمهات إلي تلك الحملات كمحاولة أعتقد أنها قد جاءت متأخرة جدا بكل أسف.
لقد أصبحت هذه الظاهرة الاجتماعية بمثابة العرض للمرض ففي حد اعتقادي أننا نحاول من خلال تلك الحملات و الإجراءات و القرارات الغير مدروسة بإعطاء مسكنات لمرض عضال غير آبهين بالبحث في الأسباب الجذرية لهذا المرض الاجتماعي بالغ الخطورة حتي يتماثل المجتمع للشفاء.
فإذا ما حاولنا الوقوف علي الأسباب الجذرية فسنجد أن هذه الظاهرة ما هي إلا صورة في مرآة المجتمع تعكس ما قد وصل إليه من ممارسات فوضوية تتمثل في غياب القدوة و التخلي عن القيم و المبادئ و الموروثات و التراث الأخلاقي الذي قد كانت لنا به ميزة بين الأمم و كذلك غياب الرقابة بكافة مستوياتها ، و السؤال هنا لماذا استوقفتنا أغاني المهرجانات المبتذلة و البذيئة و لم يسترعي انتباهنا تنطع الشباب علي المقاهي التي قد أسميناها بالكافيهات حتي نلبسها ثيابا من الرقي و التحضر التي قد تكون قد تجردت منه في بعض الأحيان و هنا أنا لست بمستنكر وجودها لأنها قد أصبحت واحدة من المشروعات الاستثمارية الناجحة و لكن ما هي الصورة التي عليها الشباب علي تلك المقاهي ،انظروا إلي تلك الآفة التي تسمي ( الشيشة) التي قد أدمنتها الفتيات قبل الفتيان ،و السؤال هنا هل كان ذلك أمرًا طبيعيًا في الماضي القريب بالطبع لا.
انظر إلي ما قد موصل إليه الشباب من رعونة منقطعة النظير في قيادة كافة المركبات التي قد تسببت في الآونة الأخيرة في كم لا بأس به من حوادث الطرق التي أودت بحياة الكثير.
انظر إلي حديثي التخرج سواءا من الدبلومات الفنية أو الجامعات و ما آلت إليه المستويات العلمية و الفكرية و السلوكية.
انظر إلي وقت الشباب المهدر و الطاقات المستهلكة في فساد مواقع التواصل اللأخلاقي الذي شجع و ساهم في انتشار مثل تلك الأوبئة
و أصبح اعلاما موازيا لا يحتاج لمتابعته سوي لمسة بسيطة من أصابع اليد دون ضابط أو رابط ، هذا بالإضافة إلي القنوات الفضائية التي لا تستهدف سوي الأرباح الطائلة من خلال الترويج لمثل هذه العناصر التي كان عليها بالأحرى أن تحارب وجودها ، واعتقد أن المجال لا يتسع لسرد المزيد من الهراءات و السخافات الإجتماعية.
و خلاصة القول أن كل ماذكر من آفات اجتماعية قد وقع في براثنها الكبار من الآباء و الأمهات قبل الشباب فأصبحت النصيحة و التوجيه في غير محلهما أو بعبارة أخري ” فاقد الشئ لا يعطيه” .
و عندما غاب الوعي و تاهت الأهداف استطاعت تلك الشرذمة أن تستثمر في عقول أصبحت كالأواني الفارغة تستطيع أن تفرغ فيها ما طاب لك من السوائل و لاسيما الغث و الردئ و أصبح المجال مفتوحا لحصد الأموال الطائلة مقابل الكلام البذئ و الأصوات المقززة و فوضي الآلات الموسيقية ليبيعوا لنا ” الفنكوش” عل حد تعبير الفنان عادل إمام في احدي أفلامه السينيمائية.
و أخيرا و ليس آخرا فمن وجهة نظري أن الحل يكمن في إعادة بناء منظومة القيم التي طالما نادي بها و لا زال ينادي بها القامات و الرموز المحترمة سواءا علي المستوي الاجتماعي أو القيادي فها هي الفرصة حانت لكي نقيس الفجوة بين الواقع و المأمول و نضع الآليات للخروج من تلك الأزمة و نواجه أنفسنا بكل جرأة و شجاعة دونما أن يلقي كل منا المسؤولية علي الآخر فالكل مسئول و أعني بذلك الكبار قبل الصغار .
قد يكون المشوار صعب و لكن كما قالوا ” مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة”.