القادة نيوز

انتخابات العراق 2018.. هل ستساعد في رسم مصير المنطقة؟

مع انطلاق الحملات الدعائية للمرشحين أو ربما حتى قبل الفترة التي حددتها مفوضية الانتخابات لبدء هذه الحملات، امتلأت شوارع العاصمة بغداد وباقي المحافظات بصور المرشحين والاعلانات لأكثر من 7000 شخص يتنافسون للحصول على مقعد في مجلس النواب العراقي.

ورفضت المحكمة العليا بالعراق طلب بعض الأحزاب السياسية والنواب بتأجيل الانتخابات لمدة عام، وأكدت المحكمة أن الانتخابات يجب أن تتم فى موعدها المقررة 12 مايو المقبل، وذلك التزاما بالقانون والدستور العراقى، وبالفعل أيدت الحكومة قرار المحكمة الدستورية وأكدت بالفعل أن الانتخابات فى موعدها رسميا خلال شهر مايو.

وتعد هذه الانتخابات ثاني انتخابات عراقية منذ الانسحاب الأمريكي من العراق عام 2011، ورابع انتخابات منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، التي من المقرر عقدها في 12 مايو، 2018، لانتخاب 329 عضواً في مجلس النواب العراقي والذي بدوره ينتخب رئيس الوزراء العراقي ورئيس الجمهورية.

وتجري انتخابات 2018 بعد ستة أشهر من استفتاء انفصال كردستان العراق 2017 حيث صوت 93% من لصالح الانفصال. والذي أدى إلى قيام الحكومة العراقية بفرض حظر جوي على مطارات إقليم كردستان والقيام بعمليات فرض الأمن في كركوك والمناطق المتنازع عليها، من ضمنها مدينة كركوك الغنية بالنفط. وقد دعى السياسيون العراقيون إلى الحوار مع حكومة كردستان العراق لكي يلغوا النتائج رسمياً.

وكان من المقرر أن تجري الانتخابات في سبتمبر، 2017، ولكنها تأخرت لمدة ستة أشهر بسبب الحرب ضد داعش التي انتهت في ديسمبر 2017 باستعادة الأراضي العراقية، ودعا أكبر تحالف للسنة العَرب وهو “متحدون للإصلاح” إلى تأخير أخر لمدة ستة أشهر للسماح للناخبين المشردين بالعودة إلى ديارهم، ووصف النائب العربي السني إجراء الانتخابات في هذا الوقت بأنه ” انقلاب عسكري ضد العملية السياسية.

ومن أقوى القوائم المتنافسة على مقاعد مجلس النواب العراقى 2018 تحالف “نصر العراق” بقيادة رئيس الوزراء العراقي حيدر بغدادى، ويتنافس معه “اتحاد تحالف القوى” بقيادة اياد علاوى.

توقعات

من المنتظر أن تسفر الانتخابات عن فوز الأطراف الموالية أو المرتبطة بالأجندة الغربية، والتوقعات تسير باتجاه إحراز قائمة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، على مستوى العراق، والحزب الديموقراطي الكردستاني، على مستوى إقليم كردستان، المرتبة الأولى. ويتوقّع تراجع القوائم المرتبطة بإيران والمدعومة من الحشد الشعبي، ما يعني سحب البساط من تحت أقدام إيران وتعريتها في شكل ديموقراطي. لذا، بدأت أطراف شيعية عراقية، ومنذ الآن، تثير الشكوك حول نتائج الانتخابات، متحججةً بأن مركز السيطرة على الأصوات في الانتخابات موجود في دبي لا في بغداد.

انتخابات تسبق العاصفة

من المنتظر أيضا أن تنقل الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس، وذلك بعد يومين من إجراء الانتخابات العراقية، وهذه الخطوة بمثابة صب الزيت على النار، وستسفر عن ردود أفعال واسعة من جانب الدول الإسلامية والعربية. ويمكن أن تكون بداية مرحلة أخرى من الصراع في المنطقة. وهي المرحلة ذاتها التي استخدمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ذريعة لتقديم موعد الانتخابات التركية. وهو أعلنها صراحة، بأن هناك عملية تغيير سياسية تلوح في الأفق في العراق وسوريا، ويستلزم ذلك تطبيقاً سريعاً للنظام الرئاسي في تركيا، وتسريع آليات اتخاذ القرارات المصيرية هناك.

انحسار الدور الإيراني

تفيد التوقعات بتحجيم الدور الإيراني في العراق عبر صناديق الاقتراع. وهذا المسعى يثير علامات استفهام وتساؤلات كثيرة بخصوص رد فعل طهران، وما إذا كانت سترضخ بسهولة وتقبل بهذه النتائج والمستجدات والتطورات، في حين أن إيران استخدمت خلال السنوات الثماني الماضية جميع الوسائل السياسية والعسكرية والاقتصادية لتقوية موقعها ونفوذها في المنطقة عبر حماية نظام بشار الأسد في سوريا.

إن عدم تسليم إيران سيطلق صافرة بدء لعبة أقوى في المنطقة، وبدل الحرب بالوكالة، قد تحدث هذه المرة في شكل مواجهة مباشرة بين الدول أو أطراف اللعبة. ورفض الواقع الجديد سيعيد المنطقة إلى المربع الأول من عنف وعدم استقرار آخر. وستكون كل أطراف المعادلة والصراع القائم في الشرق الأوسط أمام احتمالين: حرب كبيرة، ربما تشعل فتيل حرب عالمية ثالثة، أو البحث عن سلام وحل دائم مشكلات الشرق الأوسط، وفك عقد كل مشكلات القومية والطائفية والمذهبية في المنطقة، ومن ضمنها المشكلة الكردية.

وفي كلتا الحالين، سيدخل مستقبل العملية السياسية العراقية في نفق مظلم، لأن أجندة فريق ترامب الجديد لن تسمح بأن تقود إيران العراقَ وفق رغبتها وعلى هواها. وإعلان إدارة ترامب تهديدات بخصوص فسخ الاتفاق المبرم بين واشنطن وطهران بخصوص الملف النووي الإيراني، هو أحد مؤشرات احتمال تفاقم الصراع بين الجانين.

كذلك من المتوقّع ألّا ترضى إيران بترك حصتها من الكعكة العراقية بسهولة، وبذلك ستتعطل العملية السياسية في العراق وتفتح الباب على مصارعها أمام احتمالات عدة وبروز أصوات وألوان أخرى في الميدان. لذلك، فإن المؤشرات تفيد بأن انتخابات أيار في العراق قد تكون آخر عملية انتخابات في هذا البلد كونها ستفتح أبواب المنطقة أمام مشكلات أكبر وأكثر تعقيداً، ويمكن أن تكون مدخلاً لتقسيم البلد، بهدف قطع الطريق على تعقيدات ومشكلات أكبر بكثير تهدد مصالح أميركا وإسرائيل.

تحالفات

صادقت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على 204 حزباً، وكان الموعد النهائي لتسجيل الاحزاب 11 يناير.

وقد قرر حزب الدعوة الإسلامية، خوض الانتخابات بتحالفين منفصلين، تحالف يقوده رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رئيساً لائتلاف يسمى “ائتلاف النصر” بينما سَلفهُ، نوري المالكي سيرأس قائمة دولة القانون. اعضاء حزب الدعوة أحرار في دخول أي قائمة.

فيما قامت تحالفات الحشد الشعبي بتأسيس ائتلاف الفتح وقد تشكل اعضاء التحالف الرئيسين من قوات الحشد الشعبي، والذي شمل تحالف منظمة بدر، عصائب أهل الحق، كتائب حزب الله، كتائب الإمام علي، جميع المكونات الرئيسية للحشد، كانت منظمة بدر، بقيادة هادي العامري، جزءاً من الائتلاف الحاكم في دولة القانون واعلنت انسحابها في ديسمبر 2017، ووقعت مع العبادي اتفاقاً لإنشاء تحالف نصر العراق، إلا أن تحالف الفتح أعلن انسحابه من تحالف النصر فيما بعد.

وأعلن عمار الحكيم زعيم تحالف المواطن ثالث أكبر كتلة في البرلمان في يوليو 2017 مغادرته الحزب الإسلامي الشيعي المخضرم، المجلس الأعلى الإسلامي العراقي – الذي قاده منذ وفاة والده، عبد العزيز الحكيم وتشكيل حركة وطنية غير إسلامية جديدة تسمى الحكمة، كل تحالف المواطن ال29 عضو أنضموا إلى الحكمة ما عدا 5 أعضاء، وأنضم بقية اعضاء تحالف المواطن إلى تحالف العبادي.

وداخل الأحزاب الكُردية، حدثت تغييرات كبيرة منذ الانتخابات السابقة مع وفاة كل من جلال طالباني زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ثاني أكبر حزب كُردي، وزعيم المعارضة نوشيروان مصطفى. في سبتمبر 2017، أعلن برهم صالح رئيس وزراء كردستان العراق السابق ونائب قائد الاتحاد الوطني الكردستاني، أنه سيترك الحزب ويشكل حزباً معارضاً جديداً – الائتلاف من أجل الديمقراطية والعدالة.
وكان ينظر إلى الحزب أنه لديه القدرة على تغيير المشهد السياسي الكُردي. وقال أنه يأمل في جمع جميع أحزاب المعارضة الأخرى، بما في ذلك حركة التغيير وكومال، لتحدي التحالف الحاكم بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

وشكلت الاحزاب الثلاثة ائتلافاً يسمى نيشتمان ويعني الوطن للعمل في الانتخابات وقد وافق التحالف الحاكم بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني على التشريح مرة أخرى كقائمة واحدة، وناقشت جميع الأحزاب الكُردية في كركوك كقائمة واحدة. وقد قاطع الحزب الديمقراطي الكُردستاني الانتخابات في كركوك.

وفي إطار الأحزاب العربية السنية، بدأ الائتلاف الرئيسي لتحالف الإصلاح (متحدون) بقيادة أسامة النجيفي، الذي فاز ب 23 مقعداً في عام 2014 مرة أخرى وقرر التحالف مع رجل الأعمال خميس الخنجر ألذي قرر دخول الانتخابات حيث قرروا تشكيل تحالف باسم القرار العراقي، في حين قرر رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري وزعيم إئتلاف العربية صالح المطلك إلى دخول تحت قائمة إئتلاف الوطنية بزعامة أياد علاوي.

وانسحبت تسعة كيانات حزبية وثمانية فصائل من الحشد الشعبي ضمن ائتلاف الفتح برئاسة هادي العامري، وأبرز المنسحبين من التحالف كتلة بدر والمجلس الأعلى ومنتصرون وعصائب أهل الحق وكتائب الإمام علي، بسب نشوب خلافات سياسية.

بدوره، أعلن التيار الصدري تأسيس حزب الإستقامة والذي سيرأسه النائب السابق جعفر الموسوي ومن المحتمل أن يدخل في كتلة واحدة مع الحزب الشيوعي العراقي، أما أعضاء التحالف المدني الديمقراطي أعلنوا تشكيلهم إئتلاف باسم تمدن، فيما أعلنت زعيمة حركة إرادة حنان الفتلاوي المنافسة ب7 محافظات بقائمة منفردة، وقد شكل تحالف سائرون للاصلاح والذي يتضمن حزب الاستقامة المدعوم من مقتدى الصدر ومضر شوكت والحزب الشيوعي العراقي واحزاب وتجمعات وشخصيات أخرى.