القادة نيوز

انتخابات لبنان.. الشيعة يربحون الجنوب وتراجع لتيار المستقبل

بعد ابتعاد دام أكثر من 9 سنوات شهد لبنان أمس الأحد أول انتخابات برلمانية منذ عام 2009، إذ شكلت النتائج الأولية ملامح تغيير في أحجام الكتل السياسية اللبنانية. تغير تعددت أسبابه إلا أن سببه الرئيسي هو القانون الانتخابي الجديد الذي تم على أساس النسبية.

والانتخابات البرلمانية، التي جرت للمرّة الأولى باعتماد صيغة معدّلة للنظام النسبي، من خلال ما يسمّى “الصوت التفضيلي” والتقسيم الطائفي للمقاعد الانتخابية، من شأنها أن ترسم خريطة جديدة للتحالفات داخل البرلمان اللبناني الجديد، وإن كانت لا تقلب المشهد السياسي في هذا البلد، في ظل التوازنات الطائفية المشكّلة لنظامه السياسي.

وابتعد الناخبون عن القانون الأكثري الذي كان حاكما في الدورات السابقة لصالح القانون الجديد الذي أفرز نتائج لن تغير كثيرا في الخارطة السياسية رغم حدوث بعض المفاجآت التي لم تكن في الحسبان في بعض الدوائر.

وشارك أقل من نصف الناخبين المسجلين في لبنان في عملية الاقتراع التي جرت للمرة الأولى بموجب قانون جديد يقوم على النظام النسبي، ما دفع القوى السياسية إلى تحالفات غير تقليدية جمعت حتى بين الخصوم.

وأعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق منتصف ليل الأحد الاثنين أن “نسبة المشاركة بلغت 49.20%، مقارنة مع 54% العام 2009″، معتبراً أن “عملية الانتخاب كانت بطيئة جداً” نتيجة القانون الجديد بعد عقود اعتمد فيها لبنان النظام الأكثري. وبلغ عدد الناخبين المسجلين الذين يحق لهم الاقتراع أكثر من 3.7 ملايين شخص. وتنافس 597 مرشحاً بينهم 86 امرأة، للوصول إلى البرلمان الموزع مناصفة بين المسيحيين والمسلمين في البلد الصغير ذي التركيبة الطائفية الهشة.

ولم يلبّ إقبال المواطنين طموحات الأحزاب السياسية، وهو ما ساهم في اهتزاز المشهد الانتخابي لدى متخلف القوى السياسية الكبرى، في ما عدا تحالف “حزب الله و”حركة أمل”، الذي تمكن من حشد ناخبيه.

الجنوب للشيعة

وبحسب النتائج يمكن اعتبار الثنائي الشيعي المتمثل بحزب الله وحركة أمل “الرابح الأكبر” من هذا القانون باكتساح المقاعد في دائرتي الجنوب الثانية (صور وقرى صيدا والزهراني)، والثالثة (بنت جبيل، النبطية، مرجعيون وحاصبيا)، كما فاز أسامة سعد وإبراهيم عازار في دائرة الجنوب الأولى (صيدا وجزين).

ونجح الثنائي أيضا في إيصال جميع مرشحيه الى الندوة البرلمانية باستنثاء حسين زعيتر، مرشح حزب الله في جبيل، الذي مثل سقوطه لصالح ربيع عواد صدمة قوية لدى الحزب الذي عمل بكل طاقاته لضمان وصوله.

التيار الوطني لم يحقق النتائج المطلوبة

التيار الوطني الحر لم يتمكن من الحصول على النتائج التي كان يسعى الى تحقيقها، إذ فشل في اسقاط النائب ميشال المر في المتن الشمالي، وتضاربت المعلومات حول ارقامه في دائرة عكار، وحقق رقما خجولا في دائرة عاليه-الشوف حيث لم ينجح في إيصال سوى مرشحين رغم ان هذه الدائرة تعد الأكبر على مستوى لبنان، وبالمقابل حقق حزب القوات اللبنانية انتصارا كبيرا بعد نجاح العدد الأكبر من مرشحيه، خصوصا في دائرة بعلبك-الهرمل، وزحلة، وبيروت الأولى، والمتن الشمالي، وكسروان وجبيل، وكذلك دائرة الشمال الثالثة التي تضم (الكورة، بشري، البترون، زغرتا).

تراجع المستقبل

القانون الجديد أسهم في تراجع عدد نواب كتلة تيار المستقبل الذي كسب مقعدا في صيدا لصالح النائب بهية الحريري، واوصل مرشحه في الشوف محمد الحجار، ولم يتمكن من حصد سوى ستة مقاعد في دائرة بيروت الثانية، أما شمالا فنجح في تحقيق انتصار كاسح في عكار اذ تشير المعلومات الى تمكنه من الحصول على ستة مقاعد من أصل سبعة، وفي دائرة الشمال الثانية (المنية، الضنية، طرابلس) حاز على خمسة مقاعد، أما في البقاع فستتراوح حصته بين نائبين او أربعة على أبعد تقدير.

وقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إن تيار المستقبل حصل على 21 من مقاعد البرلمان، في الانتخابات البرلمانية مقارنة مع 33 مقعدًا حصل عليها في آخر انتخابات برلمانية جرت عام 2009.

وقال الحريري في مؤتمر صحفي “أمدّ يدي لكل لبناني لتثبيت الاستقرار السياسي وتحسين المعيشة لكل اللبنانيين”.

وأضاف أنه يجب على المجتمع الدولي أن ينظر إلى نتائج الانتخابات اللبنانية بإيجابية شديدة.

وعلى الرغم من الخسائر فإن الحريري مازال السياسي السني الأقوى بحصوله على أكبر كتلة في البرلمان المؤلف من 128 مقعدًا، ما يجعله المرشح الأوفر حظا لتشكيل الحكومة المقبلة.

أقل الخسائر

النائب وليد جنبلاط خرج بأقل الخسائر من القانون الانتخابي الجديد بعد تمكنه من الفوز بالمقاعد الدرزية (ابقى مقعدا شاغرا لطلال أرسلان)، وحافظ على تنوع كتلته النيابية التي سيقودها نجله تيمور بعدما حجز مقاعد لكل من الكاثوليكي، نعمة طعمة، والماروني هنري حلو، والسني بلال عبدالله.

المفاجآت

وفي دائرة الشمال الثانية، نجح رئيس الحكومة السابق، نجيب ميقاتي، في الفوز بأربعة مقاعد، وحصلت لائحة فيصل كرامي على حاصلين مكنته وجهاد الصمد من العبور الى مجلس النواب، وفي الشمال أيضا فاز تيار المردة بثلاثة مقاعد كما نجح حليفه فريد هيكل الخازن في الفوز بمقعد في كسروان جبيل، ورفع الحزب السوري القومي الاجتماعي حصته النيابية من نائبين الى ثلاثة.

ومن المفاجآت التي أفرزتها الانتخابات، تمثلت بالدرجة الأولى في سقوط وزير العدل السابق، اشرف ريفي رغم ان الاستطلاعات كانت تجزم فوزه بمقعد في طرابس، وفوز فؤاد مخزومي في بيروت الثانية، وتمكن المجتمع المدني من تحقيق خرق في بيروت الأولى.

ويتعرض لبنان لضغوط لكي يثبت للمانحين الدوليين والمستثمرين، الذين تعهدوا بتقديم أكثر من 11 مليار دولار لبيروت الشهر الماضي، بأن البلاد لديها خطة موثوق بها لإصلاح اقتصادها. وينظر إلى إجراء الانتخابات على أنه جزء أساسي من ذلك.