القادة نيوز

هدير يوسف تكتب .. مأساة لقب

هدير يوسف

كان هذا هو اليوم الأول لها فى بيت والدها منذ خروجها من السجن تذكر ما حدث لها دقيقة بدقيقة، وكأنما هناك شريط سينمائى ناطق مجسم بالألوان يتداعى أمام عينيها ولا يكف عند التوقف.

بدايته حدث جعلتها تحمل لقب استخدمه الناس سكيناً لذبح سعادتها وتوجيه حياتها وجهة أخرى، تذكرحينما جاء إليها والدها وعلامات الغضب واضحة على وجهه وقال: “الكلام إنتهى.. فرحك بكرة” لتجلس على ركبتها أرضاً وتمسك بقدميه والدموع تنهمر من عينيها كشلال المياه وتقول بصوت مرتجف: “أرجوك يا بابا.. لاتقلها.. أقبل يديك” ليركلها بقوة بقدمه ويرد عليها بقسوة: هذه نتيجة سوء إختيارك وتصميمك. ويتركها ودموعها تغرق وجنتيها لتسبح بخيالها فى بحور ذكرياتها وماضيها، حيث كانت شمس فى الثانية والعشرين من عمرها مثلاً للسذاجة والبراءة ولم تكن تعرف من المغامرات الغرامية شيئاً قلَّ أو كثر, لتتعرف على شاب ويدق الحب باب قلبها وتحبه بجنون وتتمناه فى كل لحظة فى حياتها ويصبح كالهواء الذى تتنفسه مما يجعلها توافق وتصر وتقنع والديها على عقد القران فى الخطوبة قبل سفره للخارج رغم معارضتهما.

لم تكن يوماً ما تتخيل أن يتركها قبل موعد الزفاف بأسبوع وتصبح مجرد بطلة أدت دورها بكل صدق وغباء وسذاجة وثقة عمياء.. يتركها لمجرد حدوث بعض الخلافات التى إزدادت أكثر بتدخل الأهل فى بعض التفاصيل المادية حتى وصلت لطريق مسدود جعلته بدلاً من تدخله لحلها أصبحت تحمل لقبا يطاردها دائماً. وبرغم جمالها كان كل خاطب يأتى لها لا يقتنع بأسباب الطلاق ويذهب دون عودة، ونتيجة لنظرة المجتمع السلبية ولكى يتخلص والدها من إلحاق العيوب بها قام بتزوجيها بالغصب برجل يكبرها بثلاثين عاماً.

منفصل عن زوجته ولديه ولدان وبنت، ما أشبه هذا الزوج بطائر عملاق قوى يفرد جناحيه ليخفى تحتهما تلك الزهرة الجميلة لإعتصار رحيق شبابها. وبعد مرور عام أنجبت الفتاة طفلاً، وأعاد زوجته الأولى لعصمته لتجد فتاة فى سن إبنتها الكبرى فى حياة زوجها فتستخدم كل أسلحتها ضدها بمساعدة إبنتها الكبرى فأذاقتاها كل ألوان العذاب فكانتا يعاملانها كخادمة بالمنزل والفتاة لم تقوَ على فعل شئ سوى الصمت وكتمان حزنها، خوفاً من أن تحظى بلقب مطلقة بطفل.. وللآسف دفعت ثمن خوفها باهظاً.

كانت الزوجة تحرق ملابسها، وإبنتها تكذب عليها لوالدها وهو يضربها ويهنيها وهى لا تشكو. لكن الصعب عندما تأخرت عن تلبية إحتياجات إبنة زوجها لإطعام طفلها الرضيع فصفعتها على وجهها وركلتها بقدميها.

فذهبت إلى والدتها تشكوها فخلعت حذائها وضربتها على وجهها.. إنهارت الفتاة ولم تشعر بنفسها وهى راكضة للمطبخ لتخرج سكيناً من الدرج لتطعن به ابنة زوجها وحينما حاولت والدتها أن تدافع عنها طعنتها هي الأخرى ولم تشعر بنفسها إلا حين وجدتهما ملقتين على الأرض تغطيهما الدماء فصرخت وركضت مسرعة وفى يديها السكين ليأتى زوجها وتتكاثر عليها الناس ونزعوا السكين من يديها وسلموها للشرطة. ومن ذلك التاريخ وهي فى السجن، ومن حسن ظنها أنهما لم يتوفوا ومضت عليها خمسة أشهركأنها خمسين قرناً وهى تبكي ولاتفكر في شئ إلا لحظة واحدة تضم فيها إبنها بين ذراعيها حتى جاء زوجها لزيارتها وطلب منها التنازل عن إبنها مقابل خروجها من السجن ولكنها رفضت بشدة، فأتى والداها وأجبروها على التنازل.. وافقت لتخرج من السجن، لكنها هذه المرة عادت لبيت والديها شبح إمرأة.