صدر للأديبة السورية د. عبير خالد يحيي المجموعة القصية “ليلة نام فيها الأرق” عن دار النابغة للنشر والتوزيع ، وهو الإصدار الثامن للكاتبة بعد الذرائعية في التطبيق” نظرية نقدية عربية” بالاشتراك مع المنظر العراقي عبد الرزاق الغالبي ، و”لملمات” مجموعة قصصية ، و”عطايا” مجموعة شعرية ، و”رسائل من ماض مجهول” قصص قصيرة، و”همس النوارس” بعدة أجزاء ديوان شعر مشترك ، و”مقهورات عربيات” مجموعة قصصية مشتركة ، و”قهر الرجال” مجموعة قصصية مشتركة ، وقيد الطبع كتاب نقدي ومجموعة شعرية .
يذكر أن د. عبير خالد يحيي هي طبيبة أسنان سورية وناقدة ذرائعية ومقيمة حاليا في مدينة الإسكندرية ولها نشاط ثقافي كبير وعضو في مبادرة “أكوا ” الثقافية.
وفي مقدمته للكتاب تحت عنوان “صراع فوق الصفحات” يقول الأديب العراقي عبد الرزاق عودة الغالبي:
-“وهل تحتاج عناصر الأيام تقديم ….؟”
شواهد قلقة تعيد نفسها كلّ يوم على سوح الحياة المزدحمة بالأحداث، استمرار لصراع مصيري لشخصيات تسكن بين لوني هذا الصراع ، مرة يطغى السواد فيها ، فيملأ الدنيا قبحًا، وأخرى يفرش اللون الأبيض جناحيه تحت أقدام الأيام بألوان مختلفة مبهجة، تبعث الدفء والسعادة بقلوب أبناء الواقع، فينتشر الابتسام على الوجوه وتمسّ القهقهات مسامع الجميع….
هو شيء يثير فيّ الفضول والتساؤل دومًا لألج عوالم عبير وأختلط في فوضى شوارعها المزدحمة فوق الأوراق لأدرك ماهية تلك الألوان ومبعثها في القلوب، هي معالم ترتسم على الوجوه وتنث منها السعادة والفرح أحيانًا، فتنحسر القباحة ويبرز هذا الجمال السحري في أوراقها البيضاء، لكني لا زلت أسمع أصوات نحيب الثكالى وصرخات الألم من أفواه أبطال القصص الجاثمة بين صفحات هذا الكتاب السوداء، فتحجب التساؤل عن مخيلتي, وتزرع شجرة الصبر والتعقّل والانصياع للأمر، وتقرّ تسيّد السواد والعتمة على الموقف, ثم تنفلت من أفواه تلك القصص همهمات صامتة، لا أستطيع تمييز مفادها، واسترق السمع بجهد لأستطلع الأمر، فتجدني بين أفواه وألسن من بؤس وعوز وحرمان, وموت وخيانة وظلم و وجع دفين, وأمراض واحتضار وأنين….
-يا الله….ما هذا….!؟
حاولت الهروب من هذا الأثير الفوضوي، فسحبتني يد (زليخة) من خلفي و يد قابيل من صدري، و خنجر بروتس من خاصرتي، بتحدّ هذه المرة، تبعثر الزمن فوق بلاط الواقع، خرزات مسبحة قديس انتشرت فوق هامات الأيام تعلن وقاحة الزمن وجبروت الساعات المترعة بالأفك والظلم … وأنا لا أزال مبعثرًا في هذا الأثير الفوضوي، فتمسّ وجهي نسمة ربيعية وقطرات غيث خفيف, فتتجمّد الأيدي دون حراك عند صوت جميل فيروزي, ينبعث من خلف أبواب الصمت :
-“شلّت يدُ الشّر حين حضر الخير….!”
وانتشر الضوء، وأشرقت الشمس ورفعت الأزهار أعناقها، وزقزقة العصافير تعزف أنشودة الديمومة، وخرير الماء وصوت الدفء عاد من جديد يعزف لحن البقاء, وغنّت الأشجار لحن الأمل…..يا لضحالة الشر وجبنه، يطغى ثم ينحسر تحن ضربات الخير الموجعة في كل مرة….
أرفع بصري وكأني قدخرجت من قبري لأستطلع الحياة من جديد…..
هو علم عجيب يكمن برأس قلم لكاتبة كبيرة تشدّ الرحال في كل إتجاهات الدنيا بتحد عجيب وكأنها تصنع حيوات جديدة على أوراقها المبعثرة فوق إسفلت واقعها الفوضوي الجميل…عبير خالد يحيي إنك ترسمين الحياة و تكتبينها من جديد …؟!؟
عذرًا فأنا لم أبالغ …..هي حقيقة ليطّلع عليها من يقرأ…..!