صوت أكثر من 93% من ناخبي إقليم كردستان العراق، أمس، لصالح الانفصال، بحسب النتائج الأولية، لـ282 الف صوت، أي ما يعادل 90% من الناخبين، فيما أعلنت الحكومة العراقية أنها لن تجري محادثات مع حكومة إقليم كردستان فيما يخص نتيجة الاستفتاء، كما حذرت واشنطن من أن هذا الاستفتاء سيزيد “من عدم الاستقرار” في الإقليم.
وذكرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في الإقليم أن “عمليات فرز الأصوات لا تزال جارية، إلا أنه بعد فرز نتائج 282 الف مقترع، تبين أن 93.29% من الناخبين صوتوا لصالح الاستقلال، مقابل 6.71 صوتوا ضد ذلك”.
وقال ممثل اللجنة إن “النتائج قد تتغير، مع استمرار الفرز”، موضحاً أن “النتائج الرسمية ستعلن الخميس المقبل”.
ووفقا لبيانات حديثة، شارك استفتاء نحو 3.3 مليون شخص من أصل 5.2 مليون ناخب لهم الحق في التصويت، أي أن نسبة الإقبال بلغت 72.16% “، حسبما ذكرت اللجنة العليا المستقلة.
ومن جهة أخرى، ذكرت وكالة “بلومبيرج” الأمريكية، اليوم الثلاثاء، أن أكراد العراق ينتظرهم رد فعل قاسي بعد تصويت الملايين منهم على إنشاء دولة أكراد.
ونقلت الوكالة عن أنطوني سكينر، مدير شركة “فيريسك مابليكروفت” التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها، قوله إن إيران وتركيا من المحتمل يكشفا عن مزيد من الاجراءات “التي تضرب الدبلوماسية والأعمال والتجارة” مع كردستان.
وتابع سكينر بأن بارزاني يلعب لعبة البوكر الخطيرة معتمدًا على أن تركيا وايران والولايات المتحدة غير قادرين على الحفاظ على موقف موحد للضغط على حكومة اقليم كردستان.
وأضافت الوكالة أن بعض المحللين يرون أن بارزانى مهتم أكثر بإجبار الحكومة العراقية على حل طويل الأجل حول الأراضى وعائدات البترول مع مواصلة الانقسام الكامل.
ونقلت “بلومبيرج” عن رجل الأعمال الكردستاني شاسوار عبد الواحد قادر الذي قاد حملة “ليس الآن” ضد الاستفتاء إنه يلفت الانتباه عن الظروف الاقتصادية الصعبة للإقليم الناجمة عن هبوط أسعار النفط الخام وتدفق اللاجئين الفارين من داعش .
بدوره قال أيهم كامل مدير فرع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة أوراسيا للبترول، لـ”بلومبيرج” إن الحكومة العراقية لن تقف مكتوفة الأيدى وتشاهد اندماج كركوك لكردستان، مضيفًا أن التعبئة العسكرية التى نراها الآن هى جهد عراقى لإعادة السيطرة على الأراضى المتنازع عليها، كما ستصبح أي اشتباكات عرقية ذريعة لتعبئة أكبر من ذلك بكثير”.
بدورها، رأت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، أنه بالرغم من أن استفتاء الانفصال الذي أجرته أربيل، أمس، سار بشكل سلمي، إلا أن شبح العنف يلوح في أفق المنطقة، بعد تحذير العراق من “خطوات المتابعة”، والتدريبات العسكرية لإيران وتهدد تركيا بإرسال قواتها خلال ليلة واحدة لشمال العراق.
وقالت الصحيفة إن المسؤولين الأكراد يعتقدون أن التصويت “بنعم” سيبعث برسالة لا يمكن تجاهلها لبغداد، كما تمهد الطريق أمام مفاوضات تهدف إلى الانفصال السلمي، فيما يعتقد المسؤولين العراقيين بالعكس تماما، إذ سيدفع الاستفتاء الجانبين إلى مزيد من الانفصال ويزيد من صعوبة حل النزاعات القائمة منذ فترة طويلة.
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية، أن رد الفعل الإقليمي يأتي ليزيد من التعقيدات في المنطقة حيث نددت تركيا وإيران بالإستفتاء خوفا من أن يلهم الأقلية الكردية لديهما، وقامت كل من الدولتين بتدريبات عسكرية هذا الأسبوع على حدود المنطقة الكردية فى العراق.
وتابعت الصحيفة بأن تركيا التي تعتبر استفتاء الانفصال يمس أمنها القومي، هددت بإغلاق قنوات بيع النفط الكردي، الذي يمثل أهم مصادر الدخل للأكراد، ووصل الأمر لتحذير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن قواته قد تصل إلى كردستان خلال ليلة واحدة.
وأوضحت الصحيفة بأن نزاعا مسلحا بين العراق والأكراد الحليفين الأمريكيين ضد بعضهما، سيؤثر بالسلب على الحرب ضد تنظيم” داعش”، فعلى الرغم من نجاح القوات العراقية والكردية من استعادة مدينة الموصل (شمال) في يوليو الماضي، بعد حملة مدتها تسعة أشهر، لكن المتطرفين ما زالوا يسيطرون على جيوب من الأراضي في العراق ولديهم تاريخ طويل في استغلال الفراغات السياسية.
ولفتت “هآرتس” إلى تأثير الاستفتاء على الوضع السياسي في العراق إذ أنه من المرجح أن يؤدي الضغط الكردستاني من أجل الاستقلال إلى إضعاف العبادي الذي تولى منصبه في عام 2014 بشأن وعوده لتوحيد البلاد قبل الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في العام المقبل.
واعتبرت الصحيفة بأن الاستفتاء قد يعزز موقف المتشددين مثل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي يعتقد على نطاق واسع أنه يسعى إلى العودة إلى السلطة، فضلا عن الفصائل والمليشيات المدعومة من إيران. وذهب المالكي الى أبعد من العبادي في إدانته للاستفتاء ووصفه بأنه “إعلان حرب”، وفي كردستان يراهن بارزاني على أن الاستفتاء سيعزز يده ضد خصومه السياسيين، لكنه أيضا يتحمل معظم اللوم إذا اندلعت أزمة.