أكد وزير الاوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة أن الاهتمام باللغة العربية واجب ديني ؛ لأنها لغة القرآن ، وأهل العلم على أن فهم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة لا يتم على الوجه الأكمل إلا بإتقان اللغة العربية ، وفهم القرآن والسنة واجب ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
وفِي سياق آخر بين أن أصحاب الأفكار المتطرفة والجماعات الإرهابية وضعوا الناس في فهم خاطئ وهو التقابلية بين الدين والدنيا ، فهم يقولون إما أن تختار الدين أو الدنيا ، مع أن واجبنا أن نعمر الدنيا بالدين ، فحاولوا وضع الناس بين خيارين ، إما الدين وإما الدنيا ، وهذا فهم خاطئ يجب تصحيحه ، وما أجمل أن نحيي الدنيا بالدين ، قال تعالى: “ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة “.
وضرب العديد من الأمثلة لعظمة وبلاغة النص القرآني وبيان بعض وجوه إعجازه ، منها :
النموذج الأول : كلمة ” إصلاح ” في قوله تعالى : ” وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” ( البقرة : 220 ).
فلو تأملنا هذه الآية جيدًا ، ونظرنا – على وجه التحديد – في موقع كلمة ” إِصْلَاحٌ ” ، ثم فكرنا في بدائلها اللغوية ومشتقاتها وما يرادفها ، وحاولنا أن نضع أي بديل لغوي – رأسيًا أو أفقيًا – في موضعها لوجدنا أن العربية على عمقها واتساعها عاجزة عن أن توافينا أو تمدنا بكلمة يمكن أن تقوم مقام كلمة ” إِصْلَاحٌ ” في هذا الموضع .
فالإصلاح أمر جامع لما يحتاج إليه اليتيم ، فقد يحتاج إلى المال فيكون الإصلاح برًا وعطاءً ماديًا ، وقد يحتاج إلى من يتاجر له في ماله أو من يقوم على زراعته أو صناعته فيكون الإصلاح هو القيام بذلك ، وقد لا يحتاج اليتيم إلى المال ، إنما يحتاج إلى التقويم والتربية ، فيكون الإصلاح هنا رعاية وتربية ، وقد لا ينقصه هذا ولا ذلك ، إنما تكون حاجته أشد ما تكون إلى العطف والحنو والإحساس بالأبوة ، فيكون الإصلاح إشباع ذلك عنده.
وقد يكون الإصلاح في تقويم زيغه أو اعوجاجه ، فقد جاء أحد الناس يسأل النبي ( صلى الله عليه وسلم) : ممّ أضرب يتيمي ؟ فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : ” مما كنت ضاربا منه ولدك “، فالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) يطلب من السائل أن يعامل اليتيم معاملة ولده ، فينظر إلى ما يصلحه ويقوّمه ويشد عضده ، ومن هنا تلتقي البلاغة النبوية في إيجازها ووفائها بالمراد مع النص القرآني ، وإن كان الحديث النبوي قد ركز على جانب واحد من جوانب الإصلاح ، وهو التأديب والتقويم ، فإن الإصلاح في النص القرآني هو الكلمة الجامعة لما يحتاج إليه اليتيم وما يصلحه.
النموذج الثاني : قوله تعالى على لسان زكريا ( عليه السلام ) : ” قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا ” (آل عمران:41 ) ، وفي الآية العاشرة من سورة مريم : ” قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً”.
ذلك أن أيام العرب وشهورهم وسنيهم قمرية ، فالليل في حسابهم يسبق النهار ، ففي التاسع والعشرين من شعبان نترقب هلال رمضان ، فإذا ظهر هلال رمضان كانت أول ليلة من ليالي رمضان ثم يعقبها أول يوم منه ، وهكذا في هلال شوال وسائر الشهور .
وسورة مريم التي جاء فيها ذكر الليالي مكية ، وسورة ( آل عمران) مدنية ، وسورة مريم سابقة في نزولها لسورة آل عمران ، فجعل السابق للسابق واللاحق للاحق .
جاء ذلك في إطار المشاركات الثقافية والعلمية ، حيث شهد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف احتفال جامعة أسيوط باليوم العالمي للغة العربية بالقاعة الثمانية بالمبني الإداري بالجامعة، وبحضور اللواء جمال نور الدين محافظ أسيوط ، و الدكتور طارق عبد الله الجمال رئيس الجامعة، والسيد المهندس عمرو عبد العال نائب محافظ أسيوط، والدكتور شحاته غريب شلقامي نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب ، و الدكتور محمد الطيب مدير مركز اللغة العربية ، و الدكتورة أسماء عبد الرحمن المشرف على نادى الأدب المركزي ، وعدد من العمداء ورؤساء الأقسام وأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم، وعدد من قيادات أوقاف أسيوط وأئمتها ، وبعض الشعراء ، ولفيف من الإعلاميين والصحفيين.