بكانت رسالةُ القرآن هي رسالة الله إلى الإنسان؛ لتعريفه بنفسه عسى أن يبدأ السير في طريق المعرفة بالله؛
�أيها الإنسان! هذا عمرك الفاني يتناثر كل يوم، لحظةً فلحظة، اُرْقُبْ غروبَ الشمس كل يوم؛ لتدرك كيف أن الأرض تجري بك بسرعة هائلة؛ لتلقيك عن كاهلها بقوة عند محطتك الأخيرة! فإذا بك بعد حياة صاخبة جزءٌ حقير من ترابها وقمامتها! وتمضي الأرض في ركضها لا تبالي.. تمضي جادةً غير لاهية – كما أُمِرَتْ – إلى موعدها الأخير! فكيف تحل لغز الحياة والموت؟ وكيف تفسر طلسم الوجود الذي أنت جزء منه ولكنك تجهله؟ كيف وها قد ضاعت الكتب كلها؟ ولم يبق بين يديك سوى هذا (الكتاب)!
�فأين تجد الهداية إذن يا ابن آدم؟ وأنّى تجدها إن لم تجدها في القرآن؟ وأين تدرك السكينة إن لم تدركها في آياته (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا. وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)(الإسراء:9 – 10).
��نَعَم، بقي القرآن العظيم إعجازا أبديًا، يحي الموتى، ويبرئ المرضى،، ويرفع هامات المستضعفين في العالمين، ويحول مجرى التاريخ! ماذا حدث للمسلمين؟ كيف هجروه أين عقولهم؟ أين قلوبهم؟ أليس ذلك هو القرآن؟ أليس ذلك هو كلام الله؟ أليس الله رب العالمين؟ أليس الخلق – كل الخلق – عبيده طوعا أو كرها؟ لماذا لا ينطلق المسلم المعاصر يشق الظلمات بنور الوحي الساطع، الخارق للأنفس والآفاق؟
�ألم يقل الله في القرآن عن القرآن، بالنص الواضح القاطع: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ! وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)؟(الحشر:21). فهل هذه خاصية ماتت بموت محمد رسول الله؟ أم أن معجزة القرآن باقية بكل خصائصها إلى يوم القيامة؟ فقد دخل عليه الصلاة والسلام المسجدَ يوما على أصحابه ثم قال: (أبشروا.. أبشروا..! أليس تشهدون ألا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قالوا : بلى، قال : فإن هذا القرآن سَبَبٌ، طرفُه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به! فإنكم لن تضلوا، ولن تهلكوا بعده أبداً!) ومثله أيضا قوله بصيغة أخرى: (كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض).
تلك حقيقة القرآن الخالدة، ولكن أين من يمد يده؟ ألم يأن للمسلمين – أن يلتفتوا إلى هذا القرآن؟ عجبا! ما الذي أصم هذا الإنسان عن سماع كلمات الرحمن؟ وما الذي أعماه عن مشاهدة جماله المتجلي عبر هذه الآيات العلامات؟ أليس الله – جل ثناؤه – هو خالق هذا الكون الممتد من عالم الغيب إلى عالم الشهادة؟ أليس هو – جل وعلا – رب كل شيء ومليكه؟ الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى؟ أوَليس الله هو مالك الملك والملكوت؟ ذو العزة والجبروت؟ لا شيء يكون إلا بأمره! ولا شيء يكون إلا بعلمه وإذنه! أوَليس الخلق كلهم أجمعون مقهورين تحت إرادته وسلطانه؟ فـ هيا يا أمة محمد فلنرجع لحبل الله الممدود الذي لو تمسكنا به سننجو بحول الله وقوته ((ورتل القرءان ترتيلا))