قرأت مؤخرا كتابين عن ظاهرة الارهاب هم (الارهاب بذوره وبثوره زمانه مكانه وشخوصه )للدكتور هشام الحديدي اما الكتاب الاخر هو (الارهاب عبر الشبكة العنكبوتية) للدكتورة هديل مصطفى الخولي تلك الكتابين يكشفان لنا عدة نقاط هامة عن توصيف ظاهرة الارهاب واشكالية معالجة تلك الظاهرة التي اصبحت تمثل خطرا على كافة المجتمعات الانسانية
في البداية يجب اولا تحديد مفهوم الارهاب ونكتشف في ذلك ان اصل كلمة الارهاب terrorism اتت من خلال الفعل اللاتيني terrere اي التخويف والذعر وان الارهاب وفق تعريف المخابرات المركزية الامريكية هو التهديد باستعمال العنف او استعماله من اجل تحقيق اهداف سياسية من قبل افراد او منظمات او جماعات تستهدف احداث صدمة او تاثير في النظام القائم
اما التعريف المصري للارهاب فعبرت عنه المادة 86 من القانون المصري بانه كل استخدام للقوة او العنف او التهديد او الترويع يلجأ اليه الجاني لتنفيذ مشروع اجرامي فردي او جماعي بهدف الاخلال بالنظام العام او تعريض سلامة المجتمع وامنه للخطر
وبعد توصيف الارهاب وتعريفه بشكل دقيق يكشف لنا الكتابين عدة نقط
اولا أن الحركات الارهابية بدأت في القرن الاول الميلادي على يد المتطرفين اليهود ضد الاحتلال الروماني لفلسطين
ثانيا ان هناك منظور خاطئ دائما للغرب باتهام الاسلام بانه مصدر من مصادر الارهاب رغم ان اي قرائة جيدة تكشف لنا عدة امثلة تكشف لنا ان الارهاب هو ظاهرة عالمية ونذكر منها
ان اول حادث اختطاف طائرة كما يوضح الكاتب الاميركي نعوم تشومسكي كان على يد المقاتلات الاسرائيلية عام 1954 حين ارغمت طائرة مدنية سورية على الهبوط في مطار اللد
انه جرت محاولة لاغتيال بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني في عام 1981 على يد احد الارهابيين الاتراك امام كاتدرائية سان بطرس بالفاتيكان
مثال اخر ان الولايات المتحدة في الحرب على فيتنام قتلت ثلاثة ملايين شخص وهذا نوع من انواع الارهاب
تلك الامثلة تؤكد لنا حقيقة ان الارهاب هو ظاهرة عالمية وان هناك خلل في توصيف ظاهرة الارهاب من الغرب
ثانيا ان التاريخ اثبت ان النفط ليس هو عصب الاقتصاد فقط بل هو عصب الحرب ايضا
ثالثا ان ظاهرة الارهاب تستلزم مواجهة امنية وفكرية وثقافية من كافة المؤسسات للعمل على اشكالية معالجة تلك الظاهرة
وان اخطر انواع الارهاب كما توضح الكاتبة هديل مصطفى في كتابها الارهاب عبر الشبكة العنكبوتية وهو من اصدارات الهيئة العامة للكتاب هو ارهاب الانترنت الذي يعتمد وفق الكاتبة على افتراض مفاده امكانية التسلل للشباب او الافراد في اي مجتمع من خلال استخدام القوة الرمزية للعنف ووجود منابر اعلامية للمؤسسات الارهابية تعتمد على التحريض او ما يسمى بالارهاب الديني وهو ليس المقصود به ان الدين هو السبب في الارهاب ولكن يتم توظيف العمليات الارهابية تحت غطاء الدين وهو منتشر في كثير من المجتمعات
ويكشف لنا الكتاب خمسة ابعاد لمعالجة تلك الظاهرة هي بشكل مبسط
اولا البعد الديني : ويتم معالجة تلك الظاهرة من خلال الاهتمام بتجديد لغة الخطاب الديني لكي تصل الى الشباب وتبني لغة تعتمد على المنطق والاقناع
ثانيا البعد السياسي : من خلال الاهتمام بغرس قيم الانتماء والمواطنة والاهتمام بالتربية الوطنية والتاريخ لتشكيل وعي الطلاب وتعريف الطلاب بتضحيات الاخرون من خلال الاحداث التاريخية والمواقف
ثالثا البعد الاجتماعي والثقافي : من خلال الاهتمام بمبدأ التضامن الاجتماعي والتربية على القيم والاخلاقيات من الاسرة والمدرسة وكافة المؤسسات التعليمية
رابعا البعد التكنولوجي : من خلال محو الامية التكنولوجيا والتوعية بكيفية استخدام وتوظيف التكنولوجيا بشكل ينفع الناس
خامسا البعد الاقتصادي : بتوفير الموارد اللازمة لاكتمال البنية التحتية للقاعدة التكنولوجية والوصول للامن المعلوماتي والتكنولوجي
مع التأكيد على الدور الامني الذي يمثل الدور الرئيسي في تجفيف منابع الارهاب والتطرف والقضاء على الخلايا والشبكات الارهابية
ويبقا السؤال لمتى ستستمر ظاهرة تجارة السلاح التي تعتمد عليها الدول المتقدمة ومتى سنرى معالجة جادة لظاهرة الارهاب التي تسعى مصر وتتبنى بشكل فعال معالجة تلك الظاهرة نيابة عن العالم كما تؤكد دائما الدولة المصرية