عندما نسمع كلمة المسئولية يتبادر إلي الأذهان و كأنها الأعباء و المتطلبات و الطموحات الحياتية تجاه النفس والزوجة و الأولاد و بناءا علي هذه الصورة الذهنية يتم تبرير الغالبية من القرارات في كافة مناحي الحياة بمبررات ذات طبيعة إقتصادية تارة و تارة أخري بمبررات ظاهرها الطموح ولكنها تسلقية الباطن أو تحت دعوي (حنعمل إيه ما هي الدنيا ماشية كدة)، لتدفع تلك المبررات و الحجج أصحابها لإرتكاب الأخطاء و التجاوزات الفادحة دونما الإكتراث بما تخلفه تلك القرارات من أضرار إجتماعية بالغة الأثر .
و تتجلي مظاهر المفهوم الخاطئ للمسئولية سواءا في محيط العمل أو المصالح و الهيئات في المبادرة من الأغلبية بالدفع بعدم الإختصاص و هو نوع من أنواع الهروب من المسئولية و عدم الإكتراث بما يستوجبه الصالح العام أو الحرص علي وقت و مصالح الغير و عدم الإلتفات إلي أن المسئولية يتداولها الناس فيما بينهم أو كما نقول (يوم لك و يوم عليك)و علي صعيد الشارع و ما نعانيه جميعا من فوضي في شتي المجالات سواءا المرورية أو التنظيمية أو الخدمية أو حتي من ناحية السلوك و الآداب العامة فسنجد أنه نتاج إما لمفهوم المسئولية الخاطئ او التخلي عنها.
و إذا ما سعينا للتحقق من المفهوم الطبيعي للمسئولية فسنتوقف عند نص هذا التعريف لدي ستيفن كوفي مؤلف كتاب “العادات السبع للشخصيات الأكثر فاعلية” فسنجدها و بحسب وصفه”هي القدرة علي إختيار إستجابتك” و تجدر الإشارة هنا أن الإنسان قد يستجيب في بعض الأحيان لصوت الضمير فيسلك إلي قراراته طريق الحق و يحقق من خلالها التوازن بين الصالح العام و الخاص ، و لكن في الكثير من الأحيان يستجيب لإرادة مشاعره و صوت رغباته وما تتطلبه مصلحته الشخصية فقط و التي ربما تكون غير مشروعة و يخول إليها السلطة لإتخاذ كافةالقرارات فيجور علي حقوق و حدود الغير و إذا ما وقف هذا الشخص موقف الإنتقاد فقد يردد عبارة ” أنا حر” أو عبارة “و انت مالك “فيكون قد أساء أيضا فهم معني الحرية و ضرب بالشراكة الإجتماعية و القوانين و اللوائح عرض الحائط ، ولكي نستوعب الرابط بين الحرية والمسئولية فعلينا أن نعرف أن لكل شخص مسئول متزن دائرة حياتية مركزها المسئولية و محيطها حدود الحرية التي هي في تماس مع حريات و حقوق الآخرين ، فالمسئولية تعني الوفاء بكافة الإلتزامات سواءا المادية أو الأدبية بقدر المستطاع تجاه الأسرة و العمل و المجتمع و السعي إلي مزيد من المكتسبات المشروعة بما يحفظ للآخر مكتسباته و كذلك التوازن بين الصالح العام و الخاص و هي أيضا تتمثل في مد يد العون لمن كان في حاجتك ممن هم في دائرة مسئولياتك دونما إنتظار مقابل سوي السلام و الإستقرار الإجتماعي و هي أيضا نبذ للتحيز و العنصريةو العصبية والوقوف علي مسافة واحدة من الجميع و الفصل بين ما تحمله المشاعر و العواطف و بين ما يستوجبه الحق و العدل ، و هي المساهمة بقدر المستطاع في دفع عجلة التنمية و التي يأتي علي رأس أولوياتها تنمية الإنسان الذي هو لبنة المجتمعات و هو المورد الأولي بالإهتمام من خلال رفع الوعي الذي قد غيبته تلك الوسائل التكنولوجية الهدامة ألا و هي وسائل التواصل الإجتماعي كما يزعم صناعها التي حولت عقول البشر إلي مجرد أنبوب لتمرير الأفكار الهدامة و نشر الأكاذيب و تسطيح الفكر و طمس الهوية و تزييف الحقائق فتصبح في حقيقة الأمر أحد وسائل الحرب الخفية لعدو يقف خلف تلك الحدود الإلكترونية لينال من وحدة و إستقرار الوطن.
و في نهاية المطاف فإن المسئولية قرار و القرار مابين الصائب و الخاطئ لدي كل منا و يظل رهن الإختيار و ذلك إعتمادا علي حالة الضمير إذا ما كان حيا أم في حالة إحتضار.