ثلاثة أعوام من المقاطعة العربية للدوحة خلفت العديد من الخسائر للاقتصاد القطري في عدة مناح، وسط مساع الحكومة القطرية لإنقاذ الوضع من خلال الاستعانة بصندوق الثروة السيادي أو أدوات الدين العام لتوفير السيولة اللازمة.
وفي السطور التالية، نرصد أبرز الخسائر التي تعرض لها الاقتصاد القطري نتيجة لاستمرار المقاطعة.
“الخطوط الجوية القطرية”
سلطت إذاعة “فويس أوف أمريكا” الضوء على أبرز الخسائر التي ضربت الخطوط الجوية القطرية نظرًا لاستمرار المقاطعة وإغلاق المجال الجوي مع دول الرباعي العربي.
وذكر التقرير، أن شركة الخطوط الجوية القطرية سجلت خسائر صافية للعام المنتهي في مارس 2019 بقيمة 639 مليون دولار، فيما خسرت الشركة 69 مليون دولار فقط في نفس الفترة من العام الماضي، نظرًا لإغلاق المجال الجوي ما اضطر الشركة المملوكة للدولة تغيير مساراتها وإعادة توجيه كثير من الرحلات الجوية، ما أدى إلى زيادة المدة وارتفاع التكلفة.
وتسببت المقاطعة في تعطل عشرات خطوط الطيران القطرية في الأجواء السعودية والإماراتية والبحرينية، دفعها للبحث عن خطوط بديلة وإلغاء أخرى.
وفي مارس 2018، قال الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية أكبر الباكر، إن الشركة ستتكبد خسائر سنوية للمرة الثانية على التوالي هذا العام، وأرجع ذلك إلى ارتفاع تكاليف الوقود وأسعار صرف غير مواتية.
وقال “الباكر” في تصريحات صحفية على هامش معرض سياحي في برلين آنذاك: “أعلنا عن خسارة في العام الماضي، وسنعلن عن خسارة أخرى هذا العام لكن هذا لا يعني أن الخطوط القطرية لن تتوسع أو تستثمر”.
“العقارات”
كما لحقت الخسائر عدة قطاعات أخرى في الاقتصاد القطري تعاني، أبرزها قطاعي العقارات والبناء، كذلك انخفضت أسعار العقارات بشكل حاد في الفترة التي تسبق استضافة قطر لكأس العالم عام 2022، فيما أصبحت مراكز التسوق والفنادق شبه خالية من السائحين السعوديين والإماراتيين.
ومنذ اندلاع المقاطعة في عام 2017، شهد الاقتصاد القطري أضرارًا اقتصادية بالغة، ففي الأشهر الأولى من الأزمة، قامت قطر بتصفية ما يقرب من ثلاثة مليارات دولار من استثماراتها في أدوات الخزانة الأمريكية، وأنفقت أكثر من 40 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية لدعم عملتها وبنوكها.
“تحذيرات فيتش”
وفي أواخر مايو الماضي، حذرت وكالة “فيتش” للتصنيف الإئتماني، من زيادة الديون الحكومية القطرية، فيما أبقت على تصنيف قطر الائتماني عند (AA-) مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وقدرت “فيتش” أن تقفز الديون الحكومية القطرية إلى 63% من الناتج المحلي الإجمالي في 2019، مقابل 59% في 2018 على الرغم من الفائض المالي.
وكشف البيان، عن تضاعف احتياطيات بنك قطر المركزي إلى 30 مليار دولار، ويقابلها إلى حد كبير الاقتراض الخارجي السيادي.
وقدرت أن القروض المتعثرة في البنوك القطرية ارتفعت إلى 1.9% من إجمالي القروض في 2018، مقابل 1.6% في 2017.
ولم يكن هذا التحذير الأول الذي أصدرته “فيتش” في الشهر ذاته، ففي منتصف مايو الماضي، ذكرت وكالة التصنيف الائتماني، أن البنوك القطرية تواجه ضغوطًا متزايدة من الانكشاف المرتفع على سوق العقارات المتباطئة التي تضررت بسبب فائض المعروض المرتبط باستعدادات إقامة بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022.
وأشارت إلى أن قطر شهدت تراجعًا في أسعار الإيجارات بنسبة 20% في الأعوام الثلاثة الأخيرة، وسط توقعات بأن تشهد هذه الأسعار المزيد من التراجع مع طرح مجموعة من المشروعات المرتبطة بالبطولة في الأعوام الثلاثة المقبلة.
وأوضحت الوكالة، أن قطر تواجه تحديًا إضافيًا بسبب المقاطعة التجارية والدبلوماسية المفوضة عليها من جانب دول الرباعي العربي، والتي أضرت هذه بالسياحة وقلصت طلب المشترين الأجانب على العقارات.
وقالت “فيتش”، إن الأصول العقارية المتدهورة تشكل الآن “خطرًا رئيسيًا” على الرغم من تعافي البنوك القطرية إلى حد كبير من مشكلات السيولة الناتجة عن المقاطعة التي بدأت في 2017 عندما خرجت ودائع قيمتها نحو 30 مليار دولار من النظام المصرفي.
وأضافت “فيتش”: “انكشاف البنوك القطرية المركز على سوق العقارات المحلية المتداعية يشكل خطرًا متزايدًا على جودة الأصول”.
وذكرت “فيتش” أن البنوك الأكثر انكشافًا هي بنك الدوحة والبنك التجاري القطري وبنك قطر الدولي.
“ارتفاع الدين الخارجي”
وحسب بيانات البنك المركزي القطري، ونتيجة للتوسع بالاقتراض الأجنبي، ارتفع الدين الخارجي للبلاد إلى 156.4 مليار ريال (43.5 مليار دولار) بنهاية 2018، مقارنة بنحو 114.24 مليار ريال (31.7 مليار دولار) في العام 2017، بزيادة 37%.
وشملت التأثيرات أزمة بالسيولة الأجنبية إثر خروج بعض رؤوس الأموال نتيجة تراجع الثقة لدى المستثمرين، مما دفع الدوحة على نحو غير مسبوق وفي ظل الاستعدادات الكبرى لاستضافة كأس العالم 2022، إلى الاقتراض من الأسواق العالمية بإصدار سندات طويلة الأجل بقيمة 24 مليار دولار أميركي خلال عامي المقاطعة (2018 و2019)، 12 مليار دولار عن كل عام.
وكشف تقرير لوكالة “موديز” للتصنيف الائتماني، أن قطر ضخت نحو 38.5 مليار دولار من احتياطياتها البالغة نحو 340 مليار دولار في الاقتصاد لامتصاص أثر المقاطعة العربية، كما أودع جهاز قطر للاستثمار، وهو صندوق الثروة السيادي لقطر، مليارات الدولارات في البنوك القطرية للحيلولة دون معاناة تلك البنوك من نقص في التمويل، بعدما سحبت بنوك أجنبية ودائع وقروضا من قطر بعد إعلان المقاطعة الرباعية العربية.