دكتورة/ سماح باقي تكتب ..
*لماذا أمر فخامة الرئيس السيسي بمكافحة الفساد؟*
ربما يثور لدى القارئ تساؤل عن السبب في أن تكون بداية هذه السلسلة من المقالات والتي تستهدف إلقاء الضوء على حسن الإدارة والقيادة بالحديث عن “*الفساد الإداري*”
وتأتي الإجابة أنه في وقت كانت الدولة المصرية تحاول النهوض من أزمات اقتصادية متراكمة، جاء توجّه فخامة الرئيس نحو **مكافحة الفساد** كركيزة أساسية لأي إصلاح حقيقي
فقد أدرك فخامته أن **الفساد الإداري** لا يمنع عجلة التنميةفقط ، بل يهدر الموارد، ويقتل روح التنافس والعمل عند الكفاءات، فكيف يمكن الحديث عن حسن الإدارة قبل وكفاءة استخدام الموارد قبل التخلص من سبي رئيس لهدر الموارد وسوء الإدارة ؟!!!!
*هل يبنى الإقتصاد بالاسمنت والحديد فحسب …؟!!!!!!!!*
بناء الاقتصاد لا يقوم على الأسمنت والحديد فقط،
لكنه يقوم على **إدارة كفء** تستطيع وضع كل شئ في مكانه الصحيح… بدون واسطة، وبغير تلفيق.
*هل قابلت الفساد يوما؟!..إذا كيف يبدو ؟!!!*
في كثير من المؤسسات حولنا، نجد عدو يعمل في هدوء تام، لا يصدر صوت، لكنه يؤثر في كل شيء، ربما لا تراه من الوهلة الأولى، لكن مع الوقت تستشعر وجوده في تراجع الأداء، في هجرة الكفاءات، وفي اقتصاد لمؤسسة يجري في مكانه دون أن يتحرك للأمام.
هذا العدو هو: *الفساد الإداري.**
*الفساد ليس بالضرورة رشوة!*
أول ما يتبادر للذهن عن سماع كلمة “فساد” هو الرشوة أو التلاعب المالي، لكن الحقيقة أن الفساد أوسع وأشمل من ذلك .
فالفساد الإداري قد يكون:
– *تعيينات على أساس المعرفة أو القرابة أو الولاء، وليس بالكفاءة*.
– *تهميش المبدعين لأنهم لا يجيدون التصفيق*.
– *قرارات لا تبنى على مصلحة العمل، لكن لتصفية حسابات أو الحفاظ على الكرسي او تحقيق مآرب غير مشروعة*.
– *خلق بيئة طاردة لكل رأي أو فكرة جديدة*.
*من يدفع أولآ… المؤسسة أم الأفراد؟*
عندما يتمكن الفساد من الإدارة:
ـ تنهار الثقة بين الفريق بتنهار.
يؤخذ الإبداع غفوة طويلة ، لأن “اللي بيشتغل مش هو اللي بياخد”.
– الأشخاص المتميزة تفضل المغادرة… وتبقى *”شلة القرود الطائرة”*.
– تدور- المؤسسة حول نفسها بدون تقدم حقيقي.
**الاقتصاد يدفع التمن الأكبر*!!*
الحقيقة … أنني منحاز للاقتصاد بحكم قراءتي و دراستي له على مدار سبع سنوات في مرحلة الدكتوراة، لذا فإن أكثر ما يهمني في الأمر هو أثر هذا الفساد على الاقتصاد ، كيف يمكن تحليله من خلال حسابات التكلفة والعائد وضياع الفرص البديلة.
المشكلة ليست داخل المكتب فقط بل :
— *بيئة العمل تكون منفّرة لأي استثمار جديد*.
— *المشاريع الواعدة تتكسر قبل أن تبدأ**
–*الإنتاجية تقل… والنمو يبطأ*
*الحل صعب .. لكنه ليس مستحيل !!*
أول خطوات يمكن مواجهة الفساد الإداري بها :
– **ثقافة شفافية وعدالة في التقييم*
– -*مؤسسات حقيقية للمحاسبة، مهما كان المنصب، وهي موجودة بالفعل لكنها ربما تواجه بعض التحديات*.
-*دعم الأشخاص التي تعمل ، وليس ” المرضي عنهم”*
*وهنا يمكننا اقتراح حل عملي: إدارة بتسمع*!
لماذا لا يكون بداخل كل مؤسسة إدارة مستقلة تسمى
*”إدارة الإنصات والمشاركة”؟*
يكون دورها الأساسي
*الاستماع للموظفين.*
– *فتح حوار حقيقي بينهم وبين أصحاب القرار*.
– *رصد المشكلات قبل أن تصل للانفجار*.
– *نقل صورة واقعية عن جو العمل، بدون فلتر*
كتير من المشكلات يمكن حلها إذا شعر الأشخاص أن هناك من بيسمعهم.. وإن رأيهم له قيمة.
ولا أقصد بهذا المقترح إدارة
مماثلة لإدارة “*رعاية المواهب”* الموجود ببعض المؤسسات، لكننا لم نسمع عن موهبة واحدة مشمولة بالرعاية منهم ، إنما إدارة مستقلة تسمع وتناقش وترصد لتساعد متخذ القرار.
في النهاية الفساد الإداري ليس وليد صدفة… إنه نتيجة منطقية لتجاهل الكفاءة، وتمجيد المصالح.
وإن اردنا أن يمضى اقتصادنا قدما ، فلنبدأ من الداخل … من الإدارة.
الإدارة التي تبني ، لا تلك التي تهدم في صمت…..وللحديث بقية