أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، خلال كلمته التي ألقاها بالجلسة الافتتاحية لأعمال المجلس التنفيذي الذي عقد بمكة المكرمة اليوم الأحد بحضور وزراء الأوقاف بكل من مصر ، والسعودية ، والأردن ، وباكستان ، وجامبيا ، وممثلين لوزارات المغرب والكويت وأندونسيا، على مشروعية الدولة الوطنية، وأن العمل على قوتها مطلب شرعي ، وأن كل ما ينال من مشروعية أو كيان الدولة الوطنية يتناقض غاية التناقض مع ديننا وقيمنا الحضارية والإنسانية .
وحذر الوزير من مخاطر حروب الجيل الخامس ، مؤكدًا أن المرحلة التي تمر بها أمتنا مرحلة عصيبة ، فأمتنا مستهدفة والتحديات جسام ، والحروب على أمتنا ودولنا تتخذ أشكالا متعددة ، معلنة وخفية ، مباشرة وبالوكالة ، ولعل أخطرها جسامة هي ما يمكن أن نطلق عليه حروب الجيل الخامس التي تجمع بين حرب الشائعات وتشويه الرموز الدينية والوطنية ، وقلب الحقائق وإثارات النعرات العرقية والقبلية والطائفية المذهبية ، لبث الفرقة بين أبناء الأمة ، ومحاولات الإحباط والتيئيس ، والحصار الاقتصادي ، مع استخدام العصابات المسلحة التي تتاجر بدين الله (عز وجل) ، مما يتطلب منا عملاً جادًّا ومتواصلا ومنسقًا لمواجهة هذه التحديات الجسام ، ومع ذلك فإننا لن نيأس ولا يمكن أن نيأس ، لأننا نأوي إلى ركن شديد وهو إيماننا بالله (عز وجل) وعدالة قضيتنا ، وإيماننا الراسخ بأن الحفاظ على كيان دولنا والعمل على قوة شوكتها هو جزء من لب عقيدتنا .
وفيما يخص الحديث عن المسجد ورسالته والاهتمام به أؤكد أننا في مصر نقوم بأكبر حركة إعمار لبيوت الله (عز وجل) في تاريخنا مبنى ومعنى ، حيث نقوم في كل عام بإحلال وتجديد نحو ألف مسجد سواء من موازنة الوزارة أم من مواردها الذاتية أم من الجهود الذاتية التي ندعمها ، ولم تقف العناية بالمسجد عند حدود المبنى إنما اتسعت للعناية بالمعنى ، واختيار الأئمة وتأهيلهم تأهيلا علميًّا ومهاريًا يؤهلهم للوفاء بحق الرسالة العظيمة التي يحملونها ، كما أننا نقيم عددًا من الدورات باللغات المختلفة وكان آخرها بأربع لغات هي : (الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية) لنعد إمامًا قادرًا على نقل رسالة الإسلام الحضارية السمحة إلى العالم كله بلغاته المختلفة ، مع التوسع في عملية الترجمة والنشر .
وقال ” جمعة” أن الولاية على المساجد إنما هي من الولايات العامة والتي لا يمكن أن تترك في أيدي بعض الجماعات أو الجمعيات ، فكما قرر الفقهاء أمر الولاية على الجند التي هي مسئولية وزير الدفاع في عصرنا الحاضر ، والولاية على الشرطة لوزير الداخلية ، والولاية على الأسواق لوزير التموين والتجارة الداخلية ، والولاية على المساجد المعبر عنها بالولاية على الصلاة التي هي لوزير الأوقاف ، فكما أنه لا يجوز الافتئات على الدولة بالافتئات على مسئوليات وزارة الدفاع بإنشاء مليشيات تنال من كيان الدولة ، ولا الافتئات على الشرطة بإنشاء أقسام شرطة خاصة ، ولا الافتئات على القضاء بإنشاء محاكم خاصة لكل مجموعة أو قبيلة أو حزب ، ولا وضع كل مجموعة نظامًا لأسواقها خارج سلطة الدولة ، فكذلك لا يجوز بحال من الأحوال الافتئات على سلطة الأوقاف في الولاية على المساجد بقيام بعض الجماعات أو الجمعيات بإنشاء كيانات دعوية موازية ، مما يتطلب منا ترسيخ مفهوم الدولة الوطنية والحفاظ على كيانها ومؤسساتها الوطنية ، والتأكيد على حق الدولة دون سواها في إدارة شئونها العامة ، حتى لا نترك مجالاً للجماعات المتاجرة بالدين أو المتكسبة به لبث أفكارها الهدامة .