كيف يري كل منا الآخر ؟و ماذا نريد من بعضنا البعض.
المشهد الإجتماعي في الآونة الأخيرة أو علي سبيل التحديد خلال العقد الذي أوشك علي الإنتهاء يدعو إلي التأمل و الإستغراق في تفاصيله و كذلك العودة بالذاكرة إلي ماض سواء كان قريبا أم بعيدا لكنه لا زال حيا نابضا في وجدان المنصفين الذين باتت أرواحهم تسبح في عالمه و ما كانت عليه العلاقات الإنسانية التي بناها أسلافنا علي أساس متين و التي لا تقل في قيمتها عما شيدوه من حضارات علي مر العصور ،فهل تحول الماضي و ما حواه من رقي أخلاقي و مبادئ كان من المفترض أن يرتكز عليها و يتمحور حولها بني الإنسان إلي مجرد متحف يجوب أرجائه الإنسان المعاصر دونما أن يكون هذا الماضي ملهما و باعثا علي المضي قدمًا نحو حاضر و مستقبل أفضل.
كانوا في الماضي يري كل منهم الآخر بعين الحقيقة و يضع كل منهم للآخر الوزن المكافئ في كفة ميزان إجتماعي له معايير حاكمة و حدود فاصلة محاطة بإطار من الرضا و الرغبة القوية في التعايش.
الكل كان لديه طموح و لكن طبقا لمكتسباته و قدراته و كان التنافس حرا شريفًا و ليس سجينًا للحقد و الحسد و الغيرة الهدامة.
كانوا يدركون تمام الإدراك أن اختلافهم تكامل يشبهون فيه ألوان الطيف اتحدوا ليكونوا لونًا واحدًا هو مصدر قوتهم و سر سعادتهم .
كانوا يتكافلون في كل مناحي الحياة دونما اعتبار ذلك هدفا مستقلا ، لأنهم كانوا يعيشون أجواء الأسرة سواءا في القرية أو الحي وصولًا إلي البيت الواحد.
و تعالوا لننظر إلي مآلات الأمور و نحاسب أنفسنا و نضع تفسيرا لهذا المشهد المتناقض و الذي نجد فيه أن الكل يشكو و الكل مشكو في حقه.
و نسأل أنفسنا عما كانت المادة هي من يحكم تصرفاتنا و تنطوي عليها قراراتنا و تحدد طبيعة و حدود العلاقات الإنسانية حتي و لو علي مستوي الأسرة الواحدة.
و هل يعيش كل منا لنفسه فحسب باحثا عن أمجاده حتي و لو كانت جائرة علي حقوق و سعادة الآخرين أو كما قالوا قديما: ( أنا و من بعدي الطوفان).
خلاصة القول أننا نعيش و لكن دونما أن نتعايش و نعمل دونما أن نتكامل و نبذل قصاري جهدنا لتحقيق أهداف تبدو لكل منا رائعة من منظور فردي دونما التأسيس لعلاقات إجتماعية و إنسانية واعية.
فتعالوا لنعي كلمة (مجتمع ) و التي قد فرغناها من محتواها ، فالمجتمع يعني التكامل و التكافل و العلاقات الإنسانية التي ترتكز علي الأخلاق و المبادئ و التسامح و التنازل في حود المسموح و كذلك معناها الدفء و الإحتواء و هي الأرض الخصبة التي نزرع فيها بذور المحبة و الإنتماء و ذلك لأننا ركاب سفينة واحدة و من المؤكد أننا نبحر بهدف الوصول إلي شاطئ السلام الإجتماعي الذي هو نقطة الإنطلاق إلي ما نصبو إليه من مستقبل مشرق ، و لنتذكر دائما مقولة الزعيم مصطفي كامل(ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط).
و من أجل هذ تعالوا لنصيغ بأيدينا عقد إجتماعي جديد تحت عنوان( تعالوا نحب بعض و نعيش سوا مع بعض).
بقلم