كتب / د. محمد محسن رمضان
في غمار الظلام
كشف حقائق الدارك ويب وكيف يُستغل لفخ الشباب وإغراءهم نحو النصب والجرائم”
مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الالكترونية بمؤسسة القادة للعلوم الإدارية والتنمية
رئيس وحدة دراسات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني بمركز العرب للأبحاث والدراسات
الدارك ويب، أو ما يُعرف بالإنترنت المظلم، يشكل جانبًا مظلمًا وغامضًا من عالم الشبكة العنكبوتية يعج بالأنشطة الإجرامية والأسرار وربما الأفكار المُشوشة. فإنه يشكل تهديدًا كبيرًا، خاصة للشباب المتطلعين والذين يمكن أن يقعوا فريسة لفخه. “الدارك ويب، الإنترنت المظلم”.. هو جزء من الإنترنت غير مرئي لمحركات البحث العادية مثل (Google أو Bing) يتطلب الوصول إليه استخدام برامج وتقنيات خاصة، مثل متصفح (Tor)، الذي يوفر إخفاء الهوية والتشفير.
عندما يدخل الشباب عالم الدارك ويب، يفتحون بابًا لمغامرة مظلمة قد تغير حياتهم إلى الأبد. يجذبهم الوعد بالخدمات والمنتجات غير المتاحة في الإنترنت العادي، مثل المخدرات والأسلحة والهجمات الإلكترونية، والبيانات المسروقة، مثل بطاقات الائتمان والمعلومات الشخصية، والمحتوى الإباحي، بما في ذلك استغلال الأطفال، من خلال ايهامهم بتطبيقات وملفات تتيح لهم البرامج والألعاب المدفوعة مجانا لكن الواقع المرير هو أن هذه الرحلة غالبًا ما تنتهي بالنصب والاحتيال، أو حتى بالوقوع في فخ الجريمة.
في غمار هذا الظلام، يعتبر الشباب هدفاً سهلاً للمحتالين والجناة الإلكترونيين. يتم استغلال فضولهم واستعدادهم لاستكشاف الجديد من خلال عروض مغرية تبدو كالمغامرة، ولكنها في الواقع أساليب ماكرة للوصول إلى معلوماتهم الشخصية أو حتى إدخالهم إلى دوامة الجريمة.
وهذا ما حدث بالفعل بجريمة طفل شبرا الخيمة الطفل الذي يبلغ من العمر 15 عامًا المقيم بشبرا الخيمة في محافظة القليوبية، كان ضحية لعصابة تعمل في تجارة الأعضاء عبر “فيديو كول” بينهما وبيع فيديو الجريمة بمبالغ فلكية عبر مواقع الإنترنت غير المشروعة “الدارك ويب”أن المتهم مقيم في مصر كان يتواصل مع آخر في الكويت عبر منصات التواصل الاجتماعي وطلب منه إحضار طفل وقتله تجهيزًا لعملية سرقة أعضائه عبر “فيديو كول” بينهما وبيع فيديو الجريمة بمبالغ فلكية عبر مواقع الإنترنت غير المشروعة “الدارك ويب”.
وهنا يأتي دور الوعي التكنولوجي، يجب على الآباء والأمهات والمربين أن يكونوا على دراية بالأنشطة التي يقوم بها أبناؤهم عبر الإنترنت وأن يعملوا على توجيههم بشكل مناسب ومن المهم أيضًا أن يكون للأطفال والشباب وعي بأهمية الاستخدام الآمن للإنترنت والتبليغ عن أي حالات استقطاب او انتهاك أو تحرش قد يتعرضون لها.
ومع ذلك، يجب أن نتذكر أن الدارك ويب ليس مجرد خطر تقني، بل هو مؤشر على التحديات الاجتماعية والأمنية التي تواجه المجتمع. يتطلب التصدي لهذا التهديد تعاوناً شاملاً بين الحكومات والشركات التكنولوجية ومؤسسات المجتمع المدني لتعزيز الوعي وتوفير الأدوات اللازمة للشباب للمساهمة في بناء عالم رقمي آمن ومزدهر.