يقلم / د. احمد اسماعيل
المتابع لوقائع القمة العربية الثالثة والثلاثين التى انعقدت اليوم في العاصمة البحرينية يستشعر اختلافا كبيرا بين هذه القمة وسابقاتها. رغم أنها دورة في دورة عادية لكنها هذه المرة ليست عادية.
الكثير من العوامل المشتركة بين الزعماء العرب بدت واضحة وتؤكد وحدة الرأي والرؤية بين كافة البلدان العربية بعدما باتت الغطرسة الإسرائيلية واضحة للعالم اجمع. وربما تكون من اوضح القواسم المشتركة بين الرؤساء والملوك العرب هي استخدام مفردات دقيقة لوصف الكيان الاسرائيلي كانت تلك المفردات مستبعده من ذى قبل بسبب اتفاقيات السلام مع هذا الكيان البغيض. فقد تردد اليوم وصفا صريحا للاحتلال والابادة الجماعية والحصار والتجويع وتهديد المنطقة بأكملها.
اما عن الموقف المصري فكان واضحا بما لا يدع مجالا لاختيار المفردات الدبلوماسية. فقد حملت مصر المسئولية كاملة لكيان الاحتلال عن كل ما يجري للشعب الفلسطيني. مؤكدا رئيس مصر في كلمته ( إن أطفال فلسطين الذين قُتل ويُتّم منهم عشرات الآلاف في غزة ستظل حقوقهم سيفا مسلطا على ضمير الإنسانية حتى إنفاذ العدالة). واصفا ما تفعله إسرائيل (بالحرب الشعواء وانها حرب ضد شعب كامل وترويعه وتجويعه وتشريده والسعي لتهجيرة وسط عجز مؤسف من المجتمع الدولى). وأكدت مصر للعالم رفضها للغطرسة الإسرائيلية بقوله (وجدنا إسرائيل مستمرة في التهرب من مسئولياتها، والمراوغة حول الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار بل والمضي قدماً في عمليتها العسكرية المرفوضة في رفح) مؤكدا ان التصعيد العسكري المتواصل من جانب اسرائيل يدفع المنطقة الى مسار الفوضى والدمار بديلا عن مسار السلم والأمن والاستقرار ، مخاطبا العالم كله بكل حزم ان مصر ستظل على موقفها الثابت فعلا وقولا برفض تهجير الفلسطينيين وتصفيه القضية او خلق ظروف تجعل الحياة في غزة مستحيلا من أجل إخلاء ارض فلسطين من شعبها.
وخاطب العالم كله وأصحاب التوازنات انه واهم من يظن ان الحلول العسكرية قد تحقق الاستقرار وأن مقدرات منطقتنا اكبر من ان يمسك بها دعاة الحروب.
ليس تحيزا وإنما حيادية مطلقة اذا قلنا ان الكلمة الاقوى والرسائل الاوضح كانت في كلمة مصر أثناء القمة. مع الكثير من القواسم المشتركة في كل ما ورد في القمة من كلمات ورسائل قوية.
كل منصف في العالم يتطلع الى مزيد من التصعيد (السياسي) الإقليمي والعالمي لصد هذا الصلف المتواصل من العدو الصهيوني.
ربما يدرك هذا الكيان الغاصب ورعاته ان هذا التصعيد السياسي ضده بمثابة دق ناقوس الانذار بأنه بلغ السيل الزبى، وعندما يطفح الكيل ويشتعل الفتيل لن تجد إسرائيل من العالم كله من يساندها او ينقذها من براكين الشعوب الثائرة ضد صلفها وغطرستها وغبائها السياسي الذى أصبح واضحا للعالم كله.
إن غدا لناظره القريب. فإما تأجيل لمواجهة الحاسمة . وإما تعجيل تتوق اليه احرار الشعوب.
حفظ الله بلادنا رغم مخططات باتت على وشك أبطال مفعولها ووأد لأوهام في عقول دعاة الحروب والتقسيم واعادة خريطة المنطقة. فلا سايكس بيكو ولا غيرها ستصبح يوما حقيقة ما دامت الدماء تسري في شرايين أبناء الشعوب الحرة.
حفظ الله بلادنا
*عضو الهيئة العليا لمؤسسة القادة للعلوم الإدارية والتنمية