بقلم الدكتورة /همسة إيهاب
الهوية الرقمية والتحولات الثقافية: تأملات في عصر التكنولوجيا
تثير الرقمية أيضًا تساؤلات حول طبيعة الهوية في عصر وسائل التواصل الاجتماعي والشخصيات عبر الإنترنت، ويرى العديد من الفلاسفة أن وجودنا الرقمي أصبح بنفس أهمية هويتنا الجسدية، إن لم يكن أكثر منها، مما يثير تساؤلات حول طبيعة الذات والهوية في العصر الرقمي.
فإن النهضة الرقمية تمثل تحولًا هامًا في تاريخ البشرية، وهي تشير إلى التطورات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية التي أحدثتها الثورة الرقمية، دعونا نلقي نظرة على النهضة الرقمية في مصر بين الحضارات القديمة والحديثة، فإن للرقمية آثارا على فهمنا للوعي والذاتية، وأدى ظهور الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي إلى قيام العديد من الفلاسفة بالتساؤل عما يعنيه أن تكون واعيًا وكيف يمكننا التمييز بين أشكال الوعي البشرية وغير البشرية.
فالطفرة الرقمية في مصر القديمة واضحة جلية وذلك في استخدامهم للأعداد ووضعها لاستقرار النظام الكوني في الوجود والخلق ووضع قوانينها ، فأصبح الفكر لديه يتعلق بالأعداد الرقمية في تفسير وتصنيف الخلق الكوني للإله ، وبدأ الفكر عند المصريين القدماء بالرقم (واحد) والذي بدأ من الأزل ( النون) عنصر واحدا هو الماء الأزلي ، فالماء أصل لكل حياة ويذكرنا ذلك بقول الله تعالى في كتابه العزيز “وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30)” صدق الله العظيم سورة الأنبياء
ثم انشطر من بعد ذلك كل شيء في الحياة والثنائيات المتناقضة ثم حدث التناغم والتوازن، فلإله عند المصريين القدماء هو الذي يحرك الأشياء، ومن هذا المنطلق تأثر فيثاغورس وذهب إلى أن البنية الرياضية للأشياء هي الأصل فيها ، وذهب إلي أن أصل الأشياء هي الأعداد. فتأثر فيثاغورس ذاك الفيلسوف اليوناني بالفلسفة الرقمية التي وجدها في فلسفة الحضارة المصرية القديمة والتي درسها في معابدها وأعطاها وجودا ومثالاً (شكلاً) فجمع المثال أو الشكل بالإعداد والموسيقي ليحدث التناغم harmony ، ولا شك في أن السبب في نظريته عن التناغم harmony كان سببها بعدا رقميا مصريا بحتاً، فمن التناغم الكوني وأصله قد ثبُت الوجود قديما ؛ وأما حديثاً ومع ظهور التكنولوجيا قد تم إثبات وجود الذات المفكرة. وهذا ما قد اثبته رينه ديكارت من خلال الكوجيكو الديكارتي “أنا أفكر إذا أنا موجود…..”
ففي العصور القديمة، كانت مصر مركزًا للحضارات المزدهرة، مع تطور الزراعة والهندسة المائية والفنون والعلوم، كانت المياه العذبة، من الأمطار والأنهار، هي مصدر الحياة الرئيسي، وتم استخدامها لري الأراضي وتطوير الزراعة وتربية الحيوانات. كانت هذه العلاقة مستدامة لفترة طويل
ثم أصبحت معاير قياس الوجود اليوم معيارا رقميا تكنولوجيا بمعنى علاقة طردية بين الإنسان والتكنولوجيا، كمواكبة تصارعيه لمواكبة تلك النهضة السريعة، ولكن بالاستخدام الخاطئ لها دون وعي بالمخاطر يضيع بها الشباب في بؤرة التقليد الأعمى ويغفلون عن الجانب المهاري لاستخدامها كأداة في الابتكار ويحدث هذا في ظل غياب الوعى الرقمي (التكنولوجي) حيث أن الغرب يستخدمها ويوظفها لبث وتمرير أفكار مغلوطه ومنحرفه، وبذلك قد أستطاع الغرب ان يحول الوجود الأسطوري إلى الوجود الميتافزيقي (ميتا فيرس) وتستمر بهذه الضلالات والتي هدفها غياب القدرة الشبابية على التفكير والإبداع ويحدث ذلك تحت مبرر حرية الفكر والإبداع… ولكننا نستطيع مواجهة ذلك بالوعى وبمواكبة كل ما هو جديد بطرق مفيدة طبقا للمعايير التي تتناسب مع القيم والمبادئ الخاصة بالمجتمع
ويتطور مفهوم الثقافة الرقمية في الفلسفة المعاصرة بما يتوافق مع التطور التكنولوجي والإنترنت، ويتعلق بالأساليب والتقنيات التي تستخدمها المجتمعات الحديثة في التواصل والتفاعل وتبادل المعلومات، وذلك في إطار العولمة وتفاعل الثقافات
ومن ضمن هذا التطور المفهومي، نجد بعض المفاهيم التي ترتبط بالثقافة الرقمية، مثل:
1- التغيير الثقافي الذي يطرأ على المجتمعات الحديثة، والذي يتمثل في استخدام التقنيات الحديثة وتوجهات المستخدمين واهتماماتهم.
2- التعلم والتأهيل الرقمي، والذي يتمثل في تطوير المهارات اللازمة لفهم واستخدام التقنيات الحديثة والتعامل مع الثقافة الرقمية.
3- الوعي الثقافي الحديث، والذي يتمثل في القدرة على فهم الثقافات المختلفة والتعامل معها في سياق الثقافة العالمية والتطور التكنولوجي.
4- الإدراك الجماعي للأبعاد الحديثة للثقافة، والذي يتمثل في فهم التقنيات الحديثة واستخدامها بما يتوافق مع القيم الثقافية والاجتماعية والأخلاقية للفرد والمجتمع
فأن الرقمية هي مفهوم فلسفي يستكشف الآثار المترتبة على الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا الرقمية في المجتمع الحديث، في الفلسفة المعاصرة، غالبًا ما تتم مناقشة الرقمية فيما يتعلق بطبيعة الواقع والهوية والوعي.
فإن التأثيرات الرئيسية للرقمية هو التحدي الذي تفرضه على المفاهيم التقليدية للواقع والحقيقة، وذلك مع تحول المزيد والمزيد من المعلومات إلى شكل رقمي واختبارها من خلال الشاشات، فهناك قلق متزايد من أن تصورنا للواقع يتم تشويهه بواسطة التكنولوجيا.
بشكل عام، تعد الرقمية مفهومًا معقدًا ومتعدد الأوجه لا يزال قيد الاستكشاف والمناقشة من قبل الفلاسفة اليوم
وعلى حد قول الهيئة العامة للاستعلامات يجب إعادة لتشكيل الخارطة الاقتصادية، السياسية، والثقافية، بما يخدم الطموح المصري ، فهناك خطة قومية لإنشاء مدن جديدة، تعد الحل الأنسب للتوسع العمراني واستيعاب الكثافة السكانية المتزايدة وحل مشكلة الاسكان، ومع أن هناك مدناً جديدة حققت هذه المعادلة، فإن هناك مدناً أخري تنتظر دورها في التنمية.
وتتبنى الدولة مخططًا استراتيجيًا للتنمية العمرانية في مصر، يستهدف زيادة مساحة المناطق المعمورة، وإنشاء التجمعات العمرانية والمدن الحضارية، بهدف تخفيف الازدحام عن المدن القديمة، ومجابهة الزيادة السكانية المطردة، حيث تم الانتهاء من العديد من مشروعات الإسكان والبنية الأساسية والخدمات بمناطق توسعات التجمعات العمرانية القائمة….
المدن المصرية مدن ذكية لا يتوقف حرص الدولة على نشر المدن الذكية عبر بناء المدن الجديدة بهذا النظام، بل سيمتد لكل المدن المصرية حتى القديمة منها، ففخامة الرئيس السيسى قد أكد حرصه على أن تتحول المدن القديمة وكل المدن المصرية إلى مدن ذكية أيضا، وسيتم الاستعانة ببعض الشركات المصرية في تطوير المدن ، واستخدام تطبيقاتها الخاصة بالمدن الذكية.
وتعتبر العاصمة الادارية الجديدة .. نموذجاً فريدا
وفي الختام، يمكن القول أن النهضة الرقمية تجمع بين الماضي والحاضر، وتعكس قدرة الإنسان على التطور والابتكار، إنها رحلة مستمرة نحو تحسين الحياة وتطوير المجتمعات مهما كانت اضرارها يمكن تلافيها وتحقيق منها كل ما هو مرجوه لمواجه كل ما هو جديد والتجديد لصالح المجتمع …