بقلم الدكتور / احمد اسماعيل
تابعت من كثَب التداعيات الإعلامية تعقيبا على تصريحات ترامب بشأن اعتزامه الاتصال بالرئيس السيسي لترحيل أبناء غزة الى سيناء…
في الحقيقة الموقف الإعلامي مشرف ويدعو للفخر. حتي بعض قنوات المعارضة دعمت الموقف المصري والأردني في رفض الأمر جملة وتفصيلا. ايضا بعض الصحف والمواقع الأجنبية علقت على استعادة الإعلام المصري التركيز على “الخط الأحمر”….
وتبارت كل التحليلات لسرد مخاطر التهجير وأثره على تسوية القضية لصالح الاحتلال. وصعوبة او استحالة عودة أصحاب الارض. وتأثير الهجرة على الأمن القومي المصري وما يمثله دخول مئات الآلاف وأثره على الاقتصاد والبناء المجتمعي وغيره.
لكن هناك خطر اعتقد أننا نحتاج جدا للتركيز عليه في الفترة القادمة. ويقنع به المجتمع الدولي . بفضح مخطط إسرائيل في إزاحة اهل غزة لن يكون الاخير. بل المؤكد ان إسرائيل سوف تفتعل اى مناوشات او ادعاءات تُظهر بها ان هناك تهديدا يأتيها من قِبَل سيناء من بقايا المقاومة الذين ستدعى انهم نزحوا مع النازحين. وربما تنفذ تمثيلية مأساوية تظهر للعالم ان إسرائيل مستهدفة من داخل سيناء، وتحصل على دعم المجتمع الدولي الذي تحركه الصهيونية العالمية وتمنحها حق حماية نفسها؛ وساعتها سيتم الزج بمصر عنوة في حرب. ولكن في هذه المرة سيتم تصوير مصر للعالم انها مدافعة عن الارهاب ضد إسرائيل وليس دفاعا عن ترابها وعرضها.
لا يُستبعد ابدا هذا السيناريو بل هو الأقرب لتنفيذ سايكس بيكو وما تلاها من خطط شيطانية.
الحقيقة ان هذا لن يحدث. لأن عملية التهجير لن تتم اصلا الا على أجساد مائة مليون مصري. ولن يستطيع ترامب ولا كل شياطين العالم زحزحة الفلسطينيين من أراضيهم. والشعب الذي لم يستطع الصبر لساعات وصمم على العودة كل الى بيته حتي أكد جميعهم انه سيقيم خيمة فوق ركام بيته المتهدم ولن يتركه. هذا شعب لو اشتعل العام من حوله نارا لن يثنيه عن قضيته وثوابته. ومصر التى قدمت على مدار قرابة سبعين سنه أكثر من عشرين ألف شهيد وغيرهم مابين مفقودين وضحايا ارهاب فضلا عن شهداء الحرب على الارهاب بعد ثورات يناير ويونيه. هذا البلد لن يضحي في شبر واحد من سيناء لا معونة ولا تهديدات ولا ضغوط ستجدي. وفي هذا الموضوع بالذات سوف يحدث اصطفاف لكامل الشعب خلف قيادته السياسية. وسوف ترخض كل أنظمة الكون لرغبة الشعب، وإن ارادوا ضغوطا فقد عاش الآباء والأجداد أقسي منها. وإن أرادوا حربا فسوف يعيد هذا الشعب أمجاد المقاومة الشعبية قبل الرسمية.
خلاصة القول أننا علينا عدم التهاون في إعلان الرفض. كل في قنواته وصفحاته وفي دوائر معارفه. وحتي في بيته ومع ابنائه ليوضح لهم خطورة الأمر. وعلى كل الجهات المعنية بالثقافة ونشر الوعي تكثيف جهودها لتعبئة الشباب معنويا لخطر ما يدبر لنا. لا أمريكا ولا إسرائيل تستطيع تركيع “شعب” لا يركع الا لخالقه. مسلمون ومسيحيون من أجل الأقصى وبيت لحم . من أجل سادتنا عيسى ومحمد. ثم من أجل الكرامة التى لا نمتلك في الدنيا سواها لن يتم تهجير البواسل من غزة لا الى سيناء ولا أي مكان … لأنهم لن يرحلوا ونحن سنساعدهم على بقاء القضية نيرانها لا تخمد الا بعدما تحيل الاحتلال البغيض رمادا تذروه عواصف المقاومة وتدوسه نعال الشرفاء من أصحاب الحق.
ضروري تكثيف جهود اعلان الرفض.
ضروري تكثيف جهود تعبئة الرأي العام والشباب.
إن كانت بالونة اختبار لنجعل دوي انفجارها في وجهه اصحابها يخرس ألسنتهم
وإن تهديدا ليعي انه لن يجدي
وإن كان وعيدا فعلينا بالجاهزية… وأهم جاهزية هي الوعي بالقضية .. .
حفظ الله جميع بلادنا من أصحاب الشر
حفظ الله مصر
كاتب المقال: رئيس اللجنة العامة للتخطيط والمتابعة، عضو الهيئة العليا لمؤسسة القادة للعلوم الإدارية والتنمية – مصر.