الذكاء الاصطناعي من الإبداع إلى الإساءة: التلاعب بالصور وتهديد الخصوصية الرقمية..

كتب دكتور/ محمد محسن رمضان
مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية
رئيس وحدة الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني
بمركز العرب للأبحاث والدراسات

في عصرنا الحالي، يشهد العالم ثورة رقمية غير مسبوقة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي . ولكن مع هذه الثورة، تبرز تحديات أخلاقية وقانونية تهدد خصوصية الأفراد وأمانهم الرقمي. من استخدامه في مجالات حيوية مثل الصحة والتعليم والفن ، إلى توظيفه في الإساءة والتشهير ، أصبح الذكاء الاصطناعي سلاحًا ذا حدين .

التطبيقات المثيرة للجدل….
من بين أبرز الاستخدامات المثيرة للجدل، هي الأدوات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لإزالة الملابس من الصور الشخصية ، وإنشاء صور مزيفة تُظهر الأشخاص في أوضاع مخلة مما يجعلها واحدة من أخطر أشكال العنف الرقمي .

كيف تعمل هذه الأدوات؟
تعتمد هذه الأدوات على تقنيات معقدة مثل:

الشبكات التوليدية التنافسية (GANs) : لتوليد صور واقعية من خلال المنافسة بين الشبكات العصبية.

نقل السمات (Feature Transfer) : لتخمين شكل الجسد تحت الملابس باستخدام آلاف الصور الحقيقية.

الرؤية الحاسوبية (Computer Vision) : لتحليل الإضاءة وملمس الأقمشة وتفاصيل الجسم.

الانتشار السريع والتهديد المتزايد
اليوم، أصبح بإمكان أي شخص الوصول إلى هذه الأدوات عبر الإنترنت مما يزيد من سرعة انتشار التهديدات :
مواقع إلكترونية تقدم الخدمة بشكل مباشر.
تطبيقات الهواتف الذكية المجانية والمدفوعة.
بوتات تليجرام التي تُسهل العملية بشكل مقلق.

لماذا يُعد هذا تهديدًا خطيرًا؟

انتهاك للخصوصية: تُستخدم صور حقيقية دون إذن أصحابها.
الابتزاز الإلكتروني : تُستخدم الصور المزيفة للتهديد أو جمع الأموال.
تشويه السمعة: قد تُدمّر حياة الضحايا رغم زيف الصورة.
نشر محتوى إباحي غير قانوني .
صعوبة التتبع بسبب التطبيقات المشفرة .

الضحايا:
النساء يشكلن أكثر من 95% من ضحايا هذا النوع من الصور المزيفة . وكذلك، المؤثرون والشخصيات العامة هم من بين الأهداف الرئيسية، بالإضافة إلى أي شخص ينشر صورًا دون الوعي بالمخاطر.

كيف نحمي أنفسنا؟
نصائح وقائية:
لا تنشر صورك الشخصية بجودة عالية على الحسابات العامة.
راجع إعدادات الخصوصية بشكل دوري.
تجنب المواقع والتطبيقات غير الموثوقة.
استخدم البحث العكسي للصور لرصد استخدامها دون إذن.

للأهالي:
تحدثوا مع أبنائكم وبناتكم عن خطورة هذه التقنيات.
عزّزوا الوعي الرقمي داخل المنزل.

للفتيات والسيدات:
تجنبن مشاركة صور تحتوي على تفاصيل شخصية واضحة.

حافظن على سرية الحسابات الشخصية قدر الإمكان.

للجميع:
لا تصدق كل ما تراه على الإنترنت.
واجه المحتوى المسيء بالإبلاغ الفوري، ولا تشارك في نشره.

ماذا تفعل إذا تعرضت للابتزاز؟
إذا كنتِ ضحية لهذه الانتهاكات، لا تشعري بالذنب. هناك أدوات لحمايتك، مثل:
موقع StopNCII.org
يساعد في إزالة الصور المزيفة أو الجنسية من الإنترنت.
يعمل بتقنية تشفير متطورة دون الحاجة للكشف عن هويتك.
يتواصل مع المنصات لحذف الصور فورًا.

القوانين ما زالت تتطور..
رغم بعض القوانين المتطورة في الدول مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والدول العربية ، إلا أن وتيرة تطور التكنولوجيا تفوق التشريعات . ويظل التحدي قائمًا في تنفيذ القوانين بفعالية.

المعرفة خط الدفاع الأول
الذكاء الاصطناعي ليس شريرًا في جوهره، ولكن عندما يُستخدم كسلاح للإساءة، يصبح تهديدًا حقيقيًا
كن جزءًا من الحل، وشارك الوعي، وكن خط الدفاع الأول لحماية الخصوصية الرقمية!