دكتورة / سماح باقي تكتب ………….
البنك المركزي المصري ..والتوازن المطلوب!!!!
في خطوة استهدفت تحفيز الاقتصاد المصري، لجأ البنك المركزي المصري مؤخراً إلى خفض سعر الفائدة الأساسي بنسبة 1.5%، ويأتي هذا القرار في وقت تواجه فيه مصر تحديات اقتصادية متعددة، منها التضخم والبطالة، وهي خطوة ربما طال انتظارها من قِبل المستثمرين ورجال الأعمال، وهي محاولة جديدة لدعم النمو الاقتصادي وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، وسط مؤشرات عن تراجع معدلات التضخم وتحسن الأداء الكلي للاقتصاد المصري
.
و يبقى السؤال الأهم …. هل سيؤدي هذا الخفض إلى تعزيز “الفائدة” الاقتصادية في مصر؟
ما بين القرار المدروس ….وحرج التوقيت!!!
لا شك أن الاقتصاد المصري يعانب العديد من الضغوطات، منها ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية ، وأهمها الدولار الأمريكي . لذا، كان من الضروري اتخاذ إجراءات تتسم بالجرأة لتحفيز النمو، ويعد خفض سعر الفائدة أحد الأدوات الرئيسية المستخدمة لتحقيق هذا الهدف.
ويأتي قرار الخفض بعد تقييم شامل للتطورات الاقتصادية المحلية والدولية، إذ شهدت معدلات التضخم تراجعًا ملحوظًا خلال الربع الأول من عام 2025، حيث سجلت أدنى مستوياتها منذ عامين، وهو ما منح البنك المركزي المصري مساحة أكبر لاتخاذ قرارات توسعية دون تعريض الاستقرار النقدي للخطر.
انعكاسات مباشرة على الاقتصاد
صرّح البنك المركزي في بيانه الرسمي أن هذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجية شاملة لتحفيز الطلب المحلي، وزيادة معدلات التوظيف، وخلق بيئة أكثر جذبًا للاستثمار، خاصة في قطاعات الصناعة والتكنولوجيا والتمويل…. فهل تدعم نتائج التحليلات الاقتصادية هذه التصريحات؟!!!!!
في الحقيقة إن خفض سعر الفائدة يحمل في طياته العديد من التأثيرات الإيجابية المحتملة على الاقتصاد، من أبرزها:

تشجيع الاقتراض:
فمع انخفاض سعر الفائدة تنخفض تكلفة التمويل، الأمر الذي يساهم في زيادة الإقبال على القروض من قبل الأفراد والشركات على حد سواء ، ما يعزز الدورة الاقتصادية.
تحفيز الاستثمار:
هو نتيجة لتشجيع الاقتراض ، حيث تجد الشركات في المناخ الجديد فرصة لتوسيع نشاطاتها أو إطلاق مشاريع جديدة.
دعم القطاع الخاص:
سيما المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على التمويل البنكي، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة فرص العمل.
تشجيع الاستهلاك:
يعتبر الاستهلاك أحد المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي، ويعتمد بشكل كبير على قدرة المستهلكين على الإنفاق. يأتي خفض سعر الفائدة كأحد الأدوات التي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على معدلات الاستهلاك، فمع انخفاض تكلفة الاقتراض، يمكن للمستهلكين الحصول على قروض بأسعار فائدة أقل، مما يعزز القدرة الشرائية ويزيد من الاستهلاك المحلي. وهذا بدوره يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي.
دعم القطاعات المتعثرة: بعض القطاعات، مثل العقارات والصناعات الصغيرة، ربما يمكنها الاستفادة بشكل خاص من خفض سعر الفائدة، مما يسهل عليها الحصول على التمويل اللازم للنمو والتوسع.
في المقابل، قد تواجه البنوك التجارية تحديات تتعلق بهوامش الربحية، مما سيدفعها إلى البحث عن أدوات مالية أكثر ابتكارًا لتعويض الفارق.
السوق المصري يتنفس الصعداء!!!
رحّب مجتمع الأعمال المصري بالقرار، حيث اعتبره البعض “خطوة جريئة وفي الوقت المناسب”. كما شهدت البورصة المصرية ارتفاعًا في مؤشرات التداول، وهو ما دعم تفاؤل لمستثمرين في اتجاه آفاق النمو، لكن هل تصفو سماء الاقتصاد المصري من الغيوم ؟!!!.
نحو مستقبل اقتصادي أكثر توازنًا
يأتي خفض سعر الفائدة كجزء من سياسة مالية ونقدية أكثر مرونة، تهدف إلى خلق توازن بين الاستقرار الاقتصادي وتحفيز النمو، بينما تبقى التحديات قائمة في ظل أوضاع اقتصادية عالمية متقلبة.
التحديات المحتملة ..واستراتيجيات المواجهة
فعلى الرغم من الفوائد المحتملة، هناك تحديات يجب أخذها بعين الاعتبار من أهمها :
التضخم: فمتى كان خفض سعر الفائدة غير مصحوب بإجراءات لاحتواء التضخم، تنامت احتمالات زيادة الضغوط التضخمية التي تساهم في زيادة الأسعار، ومن ثم تقليص القوة الشرائية ، مما قد يضر بالاقتصاد على المدى الطويل ويحد من تأثير خفض الفائدة على الاستهلاك.
ثقة المستثمرين: يتطلب تحقيق الفائدة الاقتصادية وجود بيئة مستقرة وثقة من قبل المستثمرين، فإذا استمرت المخاوف السياسية والاقتصادية، ربما لا يستطيع خفض سعر الفائدة تحقيق النتائج المرجوة.
تأثير سلبي على الاستثمار على المدى الطويل
إن استمرار معدلات الادخار في الانخفاض، جعل البعض يتخوف من تأثيره سلباًعلى الاستثمارات المستقبلية، حيث يقلل من الموارد المتاحة لتمويل المشاريع الجديدة ،وعلى تامدى الطويل قد يؤدي ذلك إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، حيث يعتمد النمو على مستويات كافية من الادخار والاستثمار.
والخلاصة في ذلك ، أنه بينما يحمل خفض سعر الفائدة في مصر إمكانية تعزيز “الفائدة” الاقتصادية، فإن النجاح يعتمد على كيفية إدارة التحديات المرتبطة به، حيث تحتاج الحكومة إلى اتخاذ خطوات إضافية لضمان استقرار الأسعار وتعزيز الثقة في الاقتصاد من خلال استراتيجيات شاملة يمكن لمصر أن تحقق النمو المستدام الذي تسعى إليه….لتعم “الفائدة” على الاقتصاد المصري .

























