بقلم الدكتور / محمد الصوفى
الهيمنة الإسرائيلية والحرب الإيرانية الحالية ليستا مجرد صراع بين دولتين، بل هما نتاج تراكمي لعقود من التصعيد السياسي والعسكري. وفي غياب إرادة دولية حقيقية لحل جذور الأزمات في الشرق الأوسط، سيظل هذا الصراع يغذي التوترات الإقليمية، ويهدد أمن واستقرار الشعوب. إن الحل لا يكمن في المزيد من السلاح أو الضربات، بل في إرساء توازن سياسي جديد يُراعي حقوق الجميع، ويُوقف دوامة الانتقام والانقسام.
يشهد الشرق الأوسط في العقدين الأخيرين تصاعدًا في حدة الصراعات السياسية والعسكرية، نتيجة لتشابك المصالح الإقليمية والدولية، وتنامي النزعات القومية والدينية. وتُعد كل من إسرائيل وإيران من أبرز الفاعلين في هذه الساحة، إذ تتقاطع طموحات الهيمنة لدى الطرفين مع العديد من القضايا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، أمن الخليج العربي، والمشروع النووي الإيراني. وبينما تمضي إسرائيل في توسيع نفوذها الاستراتيجي مستفيدة من دعم غربي لا محدود، تواجه إيران حربًا معقدة متعددة الأبعاد تشمل عقوبات اقتصادية وهجمات عسكرية وحروبًا بالوكالة.
منذ إعلان قيامها عام 1948، عملت إسرائيل على تأمين حدودها وتوسيع نفوذها، ليس فقط عسكريًا، بل أيضًا سياسيًا واقتصاديًا وتقنيًا. وقد ساعدها في ذلك الدعم الأمريكي والأوروبي المستمر، فضلًا عن تفوقها العسكري والاستخباراتي.
في العقود الأخيرة، اتبعت إسرائيل سياسة “الردع بالهيمنة”، حيث عززت وجودها في محيطها من خلال معاهدات سلام (كمعاهدة كامب ديفيد مع مصر، واتفاقيات أبراهام لاحقًا)، وعمليات استخباراتية وعسكرية تستهدف تقويض نفوذ إيران و”حزب الله” في سوريا ولبنان، وشن ضربات جوية متكررة على مواقع عسكرية يُعتقد أنها تابعة لإيران أو وكلائها.
كما أن إسرائيل نجحت في تقديم نفسها كقوة تكنولوجية إقليمية، خاصة في مجالات الأمن السيبراني والطيران والزراعة الذكية، مما أكسبها علاقات قوية مع العديد من الدول التي كانت تعتبرها خصمًا في السابق.
من جهة أخرى، تعاني إيران من ضغوط متزايدة على مختلف المستويات. فداخليًا، تواجه البلاد أزمات اقتصادية خانقة نتيجة العقوبات الغربية، بالإضافة إلى اضطرابات اجتماعية وسياسية متكررة نتيجة الفساد والبطالة وتدهور مستوى المعيشة. وخارجيًا، تخوض إيران مواجهات غير مباشرة على عدة جبهات ، ففي اليمن، حيث تدعم الحوثيين في مواجهة التحالف العربي و ، في العراق وسوريا، حيث تمتلك نفوذًا سياسيًا وعسكريًا واسعًا عبر ميليشيات موالية لها ، بينما في لبنان، من خلال دعم “حزب الله”، وهو ما يُعد من أبرز أدوات الضغط على إسرائيل.
لكن المواجهات المباشرة بدأت تتصاعد، خصوصًا بعد استهداف منشآت إيرانية داخليًا، واغتيالات لشخصيات عسكرية وعلمية بارزة، يُعتقد أن إسرائيل تقف وراءها.
عدة الاف من القنابل والصواريخ في مواجهات هذه الايام ، تشمل هجوم إيراني ضخم تجاوز كل المواجهات السابقة منذ حرب الخليج ، وإسرائيل استهدفت بضرباتها منظومات الصواريخ الإيرانية بشكل مركز، مستهدفة خصوصًا المواقع المُهددة لسيادتها الإستراتيجية، قتلي ومصابين من الطرفين ،و أرقام رسمية قد تتغير مع تطور الصراع، والإحصاءات غير المستقلة قد تحتوي على تحويرات دعائية من الطرفين.
الحرب الإيرانية الحالية ليست حربًا تقليدية، بل تشكل جزءًا من حرب أوسع بين إيران والمحور الأمريكي-الإسرائيلي، الذي يسعى لكبح جماح التمدد الإيراني.
تكمن خطورة هذا الصراع في أن كلا الطرفين يمتلكان أدوات قادرة على إشعال المنطقة بأكملها. فإيران، رغم الضغوط، لا تزال قادرة على تحريك “وكلائها” في العراق، سوريا، لبنان، واليمن، بينما تمتلك إسرائيل دعمًا استخباراتيًا وعسكريًا غير مسبوق، يجعلها قادرة على تنفيذ عمليات دقيقة ومؤثرة داخل الأراضي الإيرانية نفسها.
كما أن دخول قوى عالمية مثل الولايات المتحدة وروسيا في هذه المعادلة يزيد الوضع تعقيدًا، حيث تدعم واشنطن إسرائيل بشكل مباشر، فيما تسعى روسيا إلى استثمار حالة الفوضى لتعزيز وجودها في الشرق الأوسط، خاصة في سوريا.
وفي ظل انعدام أفق تسوية سياسية شاملة، تبقى المنطقة عرضة لانفجارات أمنية متكررة، قد تتسع لتشمل صراعات إقليمية واسعة النطاق، خاصة إذا ما تجرأت إيران على الرد المباشر على الضربات الإسرائيلية، أو إذا تطورت المواجهات إلى استهداف منشآت حيوية أو شخصيات سياسية.
هل ستستمرهذه الحرب ؟ وإلي متي ؟ هل ستكتفي إسرائيل بهذه الهجمات ؟ هل ستنسحب ايران وتلجأ للتفاوض ؟ ما المشهد السياسي المتوقع ؟
من خلال قراءتي للمشهد الحالي أري ان إسرائيل لم ولن تكتفي بإيران — دعونا نري ما سيحدث خلال الايام القليلة القادمة –
د/محمد الصوفي زين العابدين عزالدين
رئيس لجنة التنمية الزراعية والثروة المائية
عضومجلس الشباب والخبراء المصري
محافظة الجيزة

























