كتب دكتور/ محمد محسن رمضان
مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية
إسرائيل وإيران في قلب أشرس حرب هجينة عرفها الشرق الأوسط..
صراع مشتعل، لم تعد الطائرات والصواريخ وحدها أبطال المشهد، بل أصبحت الخوارزميات ، والذكاء الاصطناعي ، والمنصات الرقمية ، وقودًا لحرب غير معلنة… إنها “الحرب الهجينة” التي تدور رحاها الآن بين الكيان وإيران في الفضاء الإلكتروني وساحات السوشيال ميديا.
6,700 هجوم سيبراني في 72 ساعة!
وسط التصعيد العسكري، تعرّضت إيران لوابل من الهجمات السيبرانية – تجاوزت 6,700 هجوم خلال 3 أيام فقط – باستخدام تقنية DDoS التي أغرقت الخوادم وتسببت في تعطيل الخدمات المصرفية والإلكترونية ، مما دفع الحكومة الإيرانية إلى قطع الإنترنت مؤقتًا، وتقييد الوصول إلى تطبيقات رئيسية.
في الوقت ذاته، تبنّت مجموعة “بريداتوري سبارو” (العصفور المفترس) عملية اختراق واسعة للبنية التحتية لـ بنك سبه الإيراني، مدعيةً تدمير خوادمه بالكامل، وحرمان موظفين حكوميين من رواتبهم. المجموعة، المعروفة سابقًا باسم “جونجيشكي دارنده”، تُعد أحد أذرع الحرب السيبرانية الإسرائيلية الأكثر نشاطًا.
ذكاء اصطناعي خلف الشاشات: كيف تحارب إسرائيل بـ الخوارزميات؟
1. استخبارات ذكية وتحليل البيانات الضخمة
تعتمد إسرائيل على AI لتحليل بيانات الأقمار الصناعية والمصادر المفتوحة والاتصالات، بهدف:
• تتبُّع تحركات الحرس الثوري الإيراني
• مراقبة شحنات الأسلحة إلى سوريا ولبنان
• كشف الخلايا الإيرانية النشطة في المنطقة
2. استهداف عسكري دقيق مدفوع بالذكاء
الضربات الجوية الإسرائيلية أصبحت أكثر دقة بفضل الذكاء الاصطناعي، الذي يميز الأهداف العسكرية عن المدنية، ويتوقع تحركات الخصم بدقة .
3. طائرات مسيّرة تهاجم بلا طيار ولا قرار بشري
الدرونز الإسرائيلية المدعومة بالـAI تنفذ اغتيالات وعمليات اختراق في العمق الإيراني دون تدخل مباشر.
4. هجمات سيبرانية و”دفاع ذكي” في الوقت الحقيقي
البرمجيات الإسرائيلية تُحلل البنية التحتية الإيرانية وتُطلق هجمات إلكترونية مدروسة، بينما تعمل تقنيات الدفاع السيبراني على التصدي الفوري لأي هجوم مضاد .
السوشيال ميديا.. ساحة معركة بلا دماء!
الحرب السيبرانية لم تتوقف عند الهجوم على البنية الرقمية، بل اتجهت إلى الهجوم على وعي المواطن عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
• تم اختراق هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية لبث رسائل تحريضية
• انتشرت مقاطع فيديو تحرض على التظاهر عبر منصات تواصل إيرانية .
• تُستخدم أدوات تحليل الذكاء الاصطناعي لرصد وتحليل التوجهات الشعبية داخل إيران وتوقيت الرسائل النفسية بدقة .
الحرب النفسية الحديثة أصبحت تعتمد على:
• تضخيم الشائعات .
• نشر المعلومات المضللة .
• التشكيك في المؤسسات الحكومية .
الذكاء الاصطناعي يعيد تعريف معنى “الردع”
لم تعد الحروب تُدار من غرف القيادة وحدها، بل من مراكز بيانات ضخمة Data Centers، ومن خلال أكواد البرمجة والتعلم الآلي. إسرائيل لا تستخدم AI كأداة فقط، بل كـ ذراع استراتيجية لتفوقها العسكري والمعلوماتي.
قرارات “القتل أو الحماية” تُتخذ في أجزاء من الثانية.
تدار العمليات من آلاف الكيلومترات بعيدًا عن ساحة المعركة.
يتم تحليل مواقف الرأي العام بدقة فائقة لتوجيه الحملات النفسية.
رسائل استراتيجية.. لمن يقرأ جيدًا
أؤكد أن ما يحدث الآن هو إنذار واضح لكل الدول، خاصة في المنطقة العربية، بأن الحروب القادمة لن تبدأ بصافرات الإنذار، بل بـ انقطاع الإنترنت أو انهيار أنظمة الدفع أو شائعة تنتشر كالنار في الهشيم .
على الحكومات أن تتبنى:
• التحول من الاستجابة إلى الاستباق.
• تطوير البنية السيبرانية الوطنية.
• توعية المجتمعات ضد الحروب النفسية والمعلوماتية.
ختامًا:
نحن نعيش فصلًا جديدًا من الحروب المعاصرة، حيث الذكاء الاصطناعي هو “القائد غير المرئي”، والحقيقة أصبحت قابلة للبرمجة.
ومَن لا يُدرك ذلك… سيخسر المعركة قبل أن تبدأ…
























