السلام عليكم” …. كانت أول جملة خاطب بها الرئيس الأمريكى السابق “باراك أوباما” العالم العربى عندما زار القاهرة وإسطنبول ، ملقيا خطبته الشهيرة فى حرم جامعة القاهرة عام 2009م , والتى وعد وأكد فيها على أن عهده سيصبح بمثابة بداية جديدة لعلاقات تقوم على المصلحة المشتركة والإحترام المتبادل بين الديانات المختلفة, مستخدما عدد من العبارات العاطفية مدغدغا بها مشاعرنا حينها ليؤكد كذلك على ضرورة إنهاء حالة الإرتياب وعدم الثقة السائدة ما بين أمريكا والعالم العربى والإسلامى بشكل عام!. وقد بدت زيارة الرئيس بتلك الكيفية وكأنها زيارة ثقافية حضارية.
وكعادتنا صدقنا (أقصد ماصدقنا) وإنساقنا لفكرة وجود المشاعر والعواطف فى عالم السياسة والمصالح , وأتذكر وقتها أنه سرعان ما أقمنا الأفراح وعلقت شاشتنا فى برامجها الزينة وأفرع الكهرباء, وأفردت الصحف عشرات المقالات والأعمدة لوصف وتحليل تلك الزيارة التاريخية للرئيس الأمريكى الأسمر البشرة والذى يعود إلى جذور إفريقية مسلمة, وها هو وقد قدم إلينا، ملقيا علينا تحية الإسلام، فى قلبه كل الحب ، ومادد يده بالسلام …. يا سلام!!!!!.
وبالفعل فقد كانت تلك الزيارة تاريخية من عدة مقاييس, الا أن كل ما جاء بعدها ربما ترجم لحقيقة مؤسفة وهى “أننا لازلنا فى حالة من عدم النضج الكافى لإستيعاب الكثير عن عملية سير الأمور السياسية،وخاصة ما يتعلق فيها بمسألة (الأمن بالوكالة)!. وها هو الرئيس الحالي “دونالد ترامب ” سيأتى ليحضر القمة الإسلامية الأمريكية المزمع عقدها فى الرياض يوم ٢٤ مايو الجارى والتى سيشارك فيها حوالى17 من زعماء الدول الإسلامية , والتى ستكون أيضا أول زيارة خارجية لرئيس أمريكى , على خلاف العادة التى جرت دائما بأن تكون أول تلك الزايارات لكندا أو بريطانيا أو المكسيك مثلا, إلا أن “ترامب” صاحب السياسة الغير محددة المعالم بالنسبة لنا كعالم إسلامى حتى الآن, إختار أن تشمل أولى محطاته:السعودية, إسرائيل والأراضى الفلسطينية, الفاتيكان , ثم بروكسل…. وذلك ضمن مشروع إقليمى جديد للشرق الأوسط محوره الأساسى هو الدفاع عن إسرائيل فى إطار الدعوة الأمريكية لمحاربة الإرهاب. فإذا استمعنا للكلمة التى ألقاها وزير الدفاع الأمريكى “جيمس ماتيس” أثناء لقائه مع نظيره الإسرائيلى ” أفيجدور ليبرمان” فى المؤتمر الصحفى المنعقد بإسرائيل أثناء زيارته لها ، سنجد أنه دعا إلى تشكيل (حلف دفاعى إقليمى شرق أوسطى) حيث قال نصيا : إن تحالفنا مع اسرائيل هو حجر الزاوية فى هيكلية أمنية إقليمية واسعة تضم اسرائيل ودولا عربية ….. وهدفى هو تعزيز شركاتنا فى تلك المنطقة من أجل ردع وهزيمة التهديدات وفى نهاية الأمر أيضا إخافة أعدائنا!!!!.
ونعود للقمة (الإسلامية الأمريكية) أخذين فى الحسبان إيران وإنتخاباتها الرئاسية الحالية والتى تجرى فى ظروف تبدو لى بالغة الصعوبة سواء على المستوى الخارجي (متمثلة فى موقف ترامب وادارته “بتشكيلها الجديد” تجاه الإتفاق النووى الذى عقده الرئيس السابق أوباما مع إيران ، إضافة لإنعقاد القمة الأمريكية الأسرائيلية التى صرح وزير الدفاع الأمريكى فى أثناء زيارته الشهر الماضى لإسرائيل انها ستعقد بالأساس لمواجهة التهديد الذى تمثله جمهورية إيران على اسرائيل ) ، وكذلك على المستوى الداخلي ( والمتمثل أيضا فى حالة الإنقسام الداخلى الغير مسبوقة سواء على مستوى المرشحين للرئاسة أو على مستوى الأولويات والمصالح الوطنية)….
فهل تعى الدول العربية المشاركة فى تلك القمة وبخاصة السعودية ودول الخليخ الأمر وفقا لذلك الطرح السابق ؟ أم أن المتوقع أو المتصور هو إستمرار سيطرة فكرة (الأمن بالوكالة) على غرار ما جاء ضمن إتفاق “كوينسى” الذى عقدته المملكة العربية السعودية فى عهد مؤسسها “الملك عبد العزيز آل سعود” مع الرئيس الأمريكى “روزفيلت” فى ١٤ فبراير عام ١٩٤٥م والذى كانت مدته ٦٠ عاما قابلة للتجديد وتم ذلك بالفعل فى عام ٢٠٠٥ فى عهد الرئيس الأمريكى “جورج دبليو بوش” ،ونص هذا الإتفاق على أن توفر أو تأمن السعودية إحتياجات أمريكا من النفط فى مقابل تولى أمريكا لمهمة الدفاع عن أو توفير الحماية آل سعود ؟؟؟ . كما أن هناك سؤالا آخر ربما يبدو لى الأكثر أهمية وهو : هل سيناقش الرئيس الأمريكى “ترامب” مع القادة العرب فكرة أو توجه أمريكا لتشكيل حلف دفاعى إقليمى شرق أوسطى لمواجهة ما يسميه التهديد الايرانى الإسلامية لإسرائيل؟؟؟؟؟.
نقلاعن الوفد