كتب الاستاذ / اسماعيل عطيه
معلم خبير لغة عربية
بمدرسة الثورة الابتدائية
إدارة بسيون التعليمية محافظة الغربية
يعتبر “بيت السحيمي” الواقع في شارع المعز لدين الله الفاطمي من بين أكثر الأماكن التراثية التي تعبر عن الهوية المصرية وهو بيت عربي تقليدي في مدينة القاهرة بني على مساحة 2000 متر مربع بالدرب الأصفر الذي يتفرع من شارع المعز لدين الله في عام 1648 م وقد سمي البيت باسم آخر من سكنه وهو الشيخ محمد أمين السحيمي الحربي من الجامع الأزهر.. ويستخدم كمتحف للعمارة التقليدية.
ويعد بيت السحيمي أحد البيوت القلائل التي لا تزال تحتفظ بحالتها المعمارية الأصلية رغم توالي العصور عليها، و يقسم المنزل إلى قسمين أحدهما خاص بالنساء أو “الحريـم” كمـا كان يطلق عليهن في ذلك الوقت، ومعناهـا المحرم على الغرباء والمحلل لرب المنـزل فقـط، وآخر خاص بالرجـال خاصة من الغرباء عن أهل البيت.
لنصحبكم في جولة داخل بيت السحيمي .. يوجد في البيت شرفات معدة لاستقبال الضيوف صيفًا و تطل مباشرة على الحديقة الداخلية للمنزل ، والأثاث داخل الشرفة عبارة عن عدد من الدكك الخشبية ذات الطابع الإسلامي ومنضدة صغيرة تتوسط المكان، كما يوجد مكان آخر شتوي ومغلق معد للضيوف يقع في صحن المنزل من الداخل ويسمى المندرة .
ومن خارج المنزل تظهر المشربيات الخشبية الشهيرة الجميلة ، و للمشربية وظيفة اجتماعية هامة ومكملة لوظيفة الحرملك، فمن وراء هذه المشربيات يمكن للنسوة أن يشاهدن ما يحدث في الشارع دون أن يراهن المار فيخدش حياءهن .
وللمشربية وظيفة اخرى ، فبداخلها توضع القلل الفخارية المملوءة بالماء وذلك فوق رف خاص يقوم بمقام الثلاجة الآن، و ربما جاء اسم “مشربية” من فعل يشرب نظرا لوظيفتها في تثليج ماء الشرب .
و الحمام في بيت السحيمى عبارة عن حجرة لها سقف بها قبة من الأسمنت وبها فتحات مستديرة زجاجية زجاج ملون يغطي السقف للاضاءة من ناحية و من ناحية اخرى يمنع خروج البخار حتى يحتفظ بسخونة القاعة ، وهناك حمامان أحدهما صيفي و آخر شتوي و كان الشتوي يستخدم في جلسات التدليك .
لم تكن الحياة السياسية مستقرة في تلك الفترة التاريخية؛ لذلك كان بكل منزل بالمحروسة و كذلك بيت السحيمي عدد من الأبواب السرية التي تبدو كأنها جزء من الحائط ولكن بطريقة معينة تفتح لتؤدي إلى الحديقة ثم إلى خارج المنزل تمامًا تمكن متساكنيه من الفرار في حال الخطر، كما كان يوجد ايضا سراديب لنفس الغرض .
و قد كسيت جدران بعض قاعات البيت بألواح من الخشب أو بالخزف، كما غطيت الأرضيات بالرخام وزينت جدران بعض القاعات بأبيات من قصيدة البردة للبوصيري، ويتوسط بيت السحيمي الفناء الأوسط أي الحديقة التي تتوزع حولها وحدات البيت.
يتكون بيت السحيمي من قسمين: قسم جنوبي (قبلي) أنشأه الشيخ عبد الوهاب الطبلاوي سنة 1648 مـ وقسم شمالي (بحري) وأنشأه الحاج اسماعيل شلبي 1796 م. وربطه بالقسم الأول وجعل منهما بيتاً واحداً . وبداخل البيت عدة قاعات، كل قاعة فيه تتكون من إيوانين بينهما دور قاعة يتوسط بعضاً منها فسقية من الرخام.
ولأن هذا البيت يعد واحدا من روائع العمارة الإسلامية المدنية الباقية في مصر من العصر العثماني فقد تم افتتاحه عام 2000 ليصبح صرحًا للثقافة والفن الشعبي و على الرغم من أن البيت يعود للعهد العثماني و القرن السابع عشر إلا أن موقعه كان عامرا بالمباني منذ بناء القاهرة في العصر الفاطمي، وقد وجد من خلال حفريات قام بها مشروع توثيق وترميم البيت في أحواش المنزل أن البناء الحالي يقوم فوق أنقاض وبقايا مباني أقدم منه قد ترجع إلى العصر الفاطمي .