بقلم دكتورة / سماح باقي
التجارة الإلكترونية….. بوابة نحو اقتصاد أكثر قوة واستدامة
لعل تناول عمليات التجارة من زاوية دورها في دعم الموازنة العامة للحد من العجز الحاصل فيها يثير التساؤل عن مدى كفاية وملاءمة التشريعات الحالية والسياسة الضريبية القائمة في مصر لتغطية نشاط التجارة الإلكترونية واستخدام أحدث التقنيات لتقرير المعاملة الضريبية الملائمة لها؟.
و أثر التجارة الإلكترونية المأمول في التأثير على الموازنة العامة وغيرها من المؤشرات الإقتصادية يستدعي البحث والتنقيب للوصول إلى التعرف على مدى إمكانية أن يساهم تنميتها وتنظيمها في معالجة بعض المشكلات الاقتصادية التي يعانى منها الاقتصاد المصري، أو التقليل منها على أقل تقدير سيما إذا ما تمت مقارنة الاقتصاد المصري باقتصاديات أخرى قد تختلف في أبجدياتها عن اقتصاديات البلدان الساعية للنمو، وكذا مقارنتها ببعض الأنظمة التي تتفق أبجديتها الاقتصادية مع مصر ، فإذا كان اقتران عمليات التجارة الإلكترونية بجباية الضرائب ستشكل مورداً هاماً ومتزايداً لإيرادات الدولة سيما مع تزايد حجم هذه العمليات ، فإنها من ناحية أخرى من شانها التأثير على معدلات الناتج المحلي الإجمالي الذي يعد أهم المؤشرات العاكسة لقوة الإقتصاد.
فلا يمكن الوقوف أمام التطور السريع والمطرد لعمليات التجارة الإلكترونية والتي تتم بوساطة الإنترنت والذي بدأ صغيراً ككرة الثلج، ثم ما لبث أن تطور وتضخم حتى أصبح يشكل مارداً، أضحى يحتاج إلى ملاحقته بالأبحاث والدراسات والتعديلات القانونية والرؤى الاقتصادية والتي يجب أن تتسم بالسرعة والمرونة لتتناسب طردياً مع السرعة التي يتطور بها هذا العالم المحطم للقيود والضوابط والحدود التقليدية المعروفة، وإلا فإنه من الممكن أن يجد المجتمع نفسه أمام فجوات كبيرة تفصل بين التشريعات المنظمة وما يؤول إليه الحال على أرض الواقع، بل وفي عزلة تفصله عن العالم الاقتصادي المحيط به تمنعه من الإستفادة من ثرواته.
ولا دليل على ذلك أبرز من حجم التطور الذي آلت إليه صفقات التجارة الإلكترونية خلال فترة زمنية وجيزة والكيفية التي تتحول بها التجارة التقليدية المتعارف عليها بصورة فائقة السرعة إلى الشكل الحالي ” التجارة الإلكترونية ” والتي من المنتظر أن تجتاح التجارة بصورتها التقليدية بعد فترة زمنية قصيرة.
ولنا فيما حدث إبان فترة جائحة كورونا ومتحوراتها والتي شكلت نقلة كمية وربما نوعية في معدلات التجارة الإلكترونية خير مثال.
فإذا كانت الحصيلة الضريبية في الاقتصاد المصري، لها من الأهمية الكبيرة في تكوين الإيرادات العامة والتي بدورها لها أهميتها فالذي يجعلها المساهم الأكبر في تغطية النفقات العامة والتي تعد الوسيلة الرئيسية لتلبية احتياجات الدولة وممارسة اختصاصاتها، فإن الاهتمام بتنمية الحصيلة الضريبية عن طريق التجارة الإكترونية هو أحد الركائز التي لا يمكن تجاهلها.
بيد أن المعاملة الضريبية لهذا النوع من الأنشطة تحتاج إلى الكثير من التطوير التكنولوجي للإدارة الضريبية وإجراءاتها وموظفيها بما يستلزمه هذا التطوير من نفقات وتدريبات.
وإذا كان الناتج المحلي الإجمالي يشكل أحد أهم المؤشرات الاقتصادية بوجه عام، وهو متغير من شأنه تحويل النظر إلى عجز الموازنة العامة من قيمة مطلقة إلى نسبة منسوبة إليه، فإن أثر التجارة الإلكترونية على الناتج المحلي الإجمالي تبدو من الأهمية بمكان لتقديم صور أقرب للتكامل بشأن الموازنة العامة.
وأمام العديد من التحديات التي تواجهها مصر في حصر وتتبع عمليات التجارة الإلكترونية ضريبياً والتي تبرز من خلال الفارق بين حجم التجارة الإلكترونية المعلن وبين ما تم تحصيله من إيرادات ضريبية عليها منذ عام 2021 وحتى الآن ، يثور التساؤل أين نحن الآن من تطبيق فكرة الهوية الرقمية ؟!
وعن الهوية الرقمية واستخداماتها ..انتظروا مقال قادم