يكتنف الغموض الوضع السياسي المستقبلي لألمانيا عقب فشل مفاوضات ما يعرف بحكومة “جامايكا” الائتلافية.
وكان الحزب الديمقراطي الحر أعلن في وقت متأخر من مساء أمس الأحد، أن المحادثات الاستكشافية لتشكيل ائتلاف “جامايكا” قد فشلت.
وقال رئيس الحزب كريستيان ليندنر، إن المحادثات انهارت بسبب عدم بناء الثقة بين الأحزاب المتفاوضة. وقال إن أطراف التفاوض فشلوا أيضا في الاتفاق على رؤية لتحديث ألمانيا، وأضاف: “من الأفضل ألا نحكم بدلا من أن نحكم على نحو خاطئ”، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
وبفشل مفاوضات الائتلاف، تواجه ميركل حاليا أصعب أزمة في تاريخ توليها منصب المستشارية منذ 12 عاما.
نقاط الخلاف معروفة منذ اليوم الأول من التفاوض وهي: التغير المناخي، واستخدام الفحم كمصدر للطاقة، وإلغاء ضريبة التضامن، ثم القضية الأهم، ألا وهي قضية اللجوء والهجرة.
وقال موقع “تسايت” الألماني إن المفاوضات جرت في نقاط كثيرة بمبدأ “الشيء مقابل الشيء”، ولذلك كانت عملية تقديم تنازل في مجال معين تمتد إلى مجال آخر، لتصل في النهاية كلها إلى “لم شمل الأسرة” بالنسبة للاجئين. مضيفًا أنه في حال حدث اتفاق في هذا المجال (لم الشمل) لكان من الممكن وبسرعة حدوث إجماع في مسئلتي المناخ والضرائب”.
ويلوح في الأفق الآن ثلاثة سيناريوهات محتملة للوضع السياسي المستقبلي في ألمانيا. الأول هو إجراء التحالف المسيحي مفاوضات تشكيل ائتلاف حاكم مع شريكه في الائتلاف الحالي الحزب الاشتراكي الديمقراطي. إلا أن الاشتراكيين الديمقراطيين يرفضون الدخول في مفاوضات ائتلاف حاكم حتى عقب فشل مفاوضات “جامايكا”.
ويدور السيناريو الثاني حول تشكيل حكومة أقلية تحت قيادة ميركل مع حزب الخضر أو الحزب الديمقراطي الحر، إلا أن ميركل ستحتاج حينها إلى تأييد عشرات من أصوات الكتل الحزبية الأخرى في البرلمان لهذه الحكومة.
أما السيناريو الثالث فهو إجراء انتخابات مبكرة، إلا أن الطريق لهذا السيناريو غير سهل دستوريا، لأنه لا يمكن إجراء انتخابات مبكرة إلا بعد انتخاب مستشار جديد للبلاد. وسيضطر رئيس البلاد في هذه الحالة لاقتراح شخص لتولي منصب المستشارية. وإذا اقترح الرئيس اسم أنجيلا ميركل وتم انتخابها في البرلمان من قبل غالبية ضئيلة وليس بغالبية كبيرة كالمعتاد لتولي هذا المنصب، فإنه يمكن للرئيس حينها أن يعينها مستشارة لحكومة أقلية، ويمكنه أيضا حل البرلمان وإعلان إجراء انتخابات مبكرة في غضون 60 يوما.
وكانت ميركل أعربت عن أسفها لقرار الحزب الديمقراطي الحر بالانسحاب من محادثات ائتلاف “جامايكا”.
وقالت ميركل للصحفيين، اليوم، في برلين: “اعتقدنا أننا كنا على طريق يمكن التوصل فيه إلى اتفاق”. وأضافت “يؤسفني، مع الاحترام الكامل للحزب الديمقراطي الحر، أننا لم نتمكن من التوصل الى اتفاق متبادل”.
وأضافت ميركل أنها ستلتقى بالرئيس فرانك-فالتر شتاينماير في وقت لاحق من اليوم لإطلاعه على مستجدات الوضع.
ومن جانبه، وصف رئيس الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، هورست زيهوفر، توقف المحادثات الاستكشافية لتشكيل ما يسمى بحكومة “جامايكا” الائتلافية في ألمانيا بأنها “عبء” على البلاد.
وقال زيهوفر في ساعة مبكرة من صباح اليوم، إن التوصل لاتفاق كان قريب المنال، مضيفا أنه كان بالإمكان أيضا التوصل لاتفاق فيما يتعلق بسياسة الهجرة.
كما أعرب حزب الخضر الألماني عن أسفه إزاء ضياع فرصة تطبيق التسويات التي تم التفاوض عليها بشأن حماية المناخ.
وقالت النائبة البرلمانية عن حزب الخضر أنالينا بيربوك، وهي ضمن المجموعة المشاركة في المحادثات الاستطلاعية لتشكيل الائتلاف، في تصريحات للوكالة الألمانية الاثنين، إن فشل تشكيل الائتلاف يعد “ضربة قاسية”، لأنه يعني تأخير البدء في التوقف عن استخدام الفحم في إنتاج الكهرباء.
وفي أعقاب نتيجة مخيبة للآمال بالنسبة للتحالف المسيحي بزعامة أنجيلا ميركل في انتخابات سبتمبر الماضي، اضطرت المستشارة الألمانية للدخول في مفاوضات لتشكيل ائتلاف ثلاثي يجمع تكتلها المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري ، والحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر .
وأطلق على الائتلاف الثلاثي اسم ائتلاف “جامايكا”، لأن الألوان المميزة للأحزاب المشاركة هي نفس ألوان علم دولة جامايكا، ممثلة في التحالف المسيحي بزعامة ميركل، (اللون الأسود) وحزب الخضر (اللون الأخضر) والحزب الديمقراطي الحر (اللون الأصفر).