وحده ينهض بالأمم هكذا تعلمنا في سنوات الطفولة أن( العلم) أحد أهم قواعد النجاح والتقدم المستمر في الحياة ،ومن منا لا يذكر بيت الشعر الذي حفظناه عن ظهر قلب لشاعر النيل حافظ إبراهيم حين وصف الاستثمار الحقيقي وقال ( العلم يرفع بيوتاً لا عماد لها …والجهل يهدم بيوت العز والكرم ).
أن (العلم ) استثمار نامي وسبب في تقدم الأمم والشعوب الذي يقاس بما تملك تلك الدول من علماء ومتعلمين على حد السواء ،لإنتاج علمي وتكنولوجي مميز يجعلهم قبلة للآخرين قديما قال الأمام علي كرم الله وجه،( العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال…والعلم حاكم والمال محكوم .
فلم تسود الدول دون أن تهتم بالعلم فالشعوب المتعلمة المؤهلة لا تعرف العشوائية ولا التعصب ولا الجهل ،و الدين الإسلامي سار على طريق العلم فنبذ كل أنواع الجهل والتعصب ،ولكن أعدائه غيبوا أنصاره وأبعدوهم عن العلم وعمموا بينهم الجهل فكان ما نحن فيه .
قد تملك الثروات ومع ذلك يسود الفقر والجهل والتعصب ،فمثلا نيجيريا من الدول الإفريقية الغنية بالثروات والمعادن وفي مقدمة الدول المصدرة للبترول ،ومع ذلك يسودها الحروب وينتشر بين أهلها الجهل والتخلف والفقر ،لأنهم تخلوا عن العلم .
في المقابل عندما حل (العلم ) في جنبات سنغافورة تحولت من دولة فقيرة معدمة لا يوجد بها مقوم الحياة الأساسي (الماء ) إلي دولة متقدمة تفوق اليابان ويتصدر دخل الفرد فيها مقدمة دول أسيا والسبب العمل الذي حولها من حال إلى حال .
الشعوب العربية تملك كل المقومات الحياتية فوق الأرض من مناج وبيئة جيدة وفي باطن الأرض من ثروات وكنوز ومع ذلك بسبب التخلي عن العلم وإهمال الاستثمار في البشر أصبح حال معظم دولنا هو المشهد الحالي ، صراعات …حروب.. فقر.. جهل وتخلف ،إلا من رحم ربي وهدى ،المشهد واضح في العراق وسوريا وليبيا واليمن وفلسطين والسودان .
أن العلم والفكر والإبداع لا يحتاج إلى ثروات طائلة يحتاج فقط إلى علم ومهارة فنحن نشتري التكنولوجيا التي لا تكلف في خاماتها دولار واحد بمئات ألاف فهل فكرت كم تكلف الدول المنتجة للتلفون المحمول من ماركات أيفون وسامسونج وغيرها التكلفة لا تجاوز واحد في الألف من المبلغ الذي نشتريه به .
جهلنا وتخلفنا يجعلنا نقدم المواد الخام لهؤلاء المهرة المنتجين بدولارات معدودة ونشتريها بالملايين في كل المجالات والسبب هو العلم والاستثمار في البشر . وقبل أن اختم كلامي سأعرض عليكم نماذج من اللذين رفعهم العلم وجعلهم في المقدمة وأصبحوا يملكون المال ويتحكمون في مصائر البشر بعلمهم ومهارتهم ،وهو ما حثنا عليه الإسلام ورسوله صلي الله علية وسلم . (بل جيتس ) مؤسس مايكروسوفت بدأ بفكرة أثقلها بعلم وأصبح اليوم يربح في الثانية الواحدة 300 دولارا .
الأمثلة كثيرة والنماذج معروفة والتحول بالعلم إلى المقدمة معروف في العالم والتجارب خير شاهد ،فاليابان دمرت في الحرب العالمية الثانية ، وفي أقل من خمسين عاماً أعادها العلم إلي المقدمة لم تعد الثروات الطبيعة هي محل الثراء أنما الثراء الحقيقي في العقول والأفكار ولذلك حتى نتحول في مصر والوطن العربي من التخلف والجهل إلى العلم نحتاج فقط إلى أردة قبل أن نملك المال فالعلم هو صانع المال . أن أصحاب الثروات الجهلة لن يفيدوا أوطانهم إلا بالخراب كما قال الشاعر حافظ إبراهيم ،عقلك وفكرك وإبداعك وعلمك هو الكنز الذي لا يفني .
وفي النهاية يبقى السؤال.؟ من (أنت ) والإجابة بلا (تردد ) أنا صاحب المال والمنصب والجاه والسلطان والقبيلة والعصبية والمذهبية ،مع أن الإسلام ورسوله أنكر علينا كل ذلك وحثنا على العلم والعمل وحسن الخلق ،فلا عصبية ولا قبلية .