كتبت دكتورة مايسة عشماوى ،قول الرسول صلى الله عليه و سلم : ” رفقا بالقوارير ” انها كلمة لو اردنا تصوير المرأة بما تحمل من رقة الانوثة و جمال الانسانية و عذوبة الروح و تألق النفس بكلمة واحدة لما وجدنا خيرا من هذه الكلمة النبوية المعجزة , فانك مهما قلبت فيها وجوه الرأي وجدت لها جمالا خاصا و عذوبة ماتعة و سرا بديعا لا يزال ينفسح من معنى إلى معنى .
فمادة الرفق في اللغة تضمر المعاني التالية : اللطف , اللين , السهولة , الاستعانة , التمهل و الأناة , قال الإمام الفارسي الراء والفاء والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على موافقةٍ ومقاربةٍ بلا عُنْف , فتأمل – يا هداك الله – هذا المعنى اللغوي ثم ضعه في جهاته النفسية كلها فلا تلبث ان تحس بروعة الإعجاز النبوي فقط في هذه المفردة : الرفق , و لو ذهبنا لنختصر معاني هذه المفردة العجيبة و دلالاتها النفسية لقلنا : يجب عليك أيها الزوج أن تعامل زوجتك بما يوافق معاني الأنوثة فيها و يقارب روعة الجمال الإنساني فيها , و لن يتحقق لك هذا و لن تستشعره الزوجة منك إلا إن مزجت هذه المعاني المتدفقة بالجمال الساحر و العذوبة اللذيذة في الكلمة , في النظرة , في اللمسة , في الحركة , في الموقف , حتى في العتاب الجميل , و ما استعمال النبي صلى الله عليه و سلم هذه الكلمة بهذه الصيغة : رفقا , و هي صيغة تأكيد إلا دلالة على ما قلت لك فكأن التقدير فيها : أيها الزوج احرص على الرفق بزوجتك بل بالغ في الرفق بها و الليونة معها و الموافقة لها و المقاربة بها إلى ما تعشقه بحس أنوثتها و صفاء إنسانيتها .
أما كلمة ” قوارير ” فتلك الكلمة الفارعة و التشبيه البديع الموحي بجمال و عمق نظرة النبي صلى الله عليه و سلم للمرأة .. و ما عليك لتفهم هذا المعنى إلا أن تطلق العِنان لخيالك لينطلق – و هو يتملى أسرار هذا التشبيه المدهش – إلى فضاءات راقية جدا لا تزال تتدفق بالرقة و الحنان و تفيض بالعذوبة و الجمال ، فمعلوم أن القارورة تتخذ من الزجاج و من ثَم فهي سهلة الكسر , و بالتالي يكون القاسم المشترك بين القارورة و المرأة هو سهولة كسرها , و ما كسر المرأة إلا الكلمة الجارحة , الموقف المؤلم , بل ما كسر المرأة في حكم الحقيقة إلا إهمال تفتيق معاني الأنوثة فيها و إلا عدم تحسيسها بقيمتها الجميلة في حس زوجها و إلا عدم تنبيهها إلى روعة إنسانيتها الجميلة .
بل انظر لقاسم اخر و هو ان الزجاج معلوم ان ادنى شئ ممكن ان يشوه صفاءه و رقته , فكذلك الزوجة بحكم رقة الأنوثة فيها و طبيعة تركبيتها الإنسانية التي تتسم بالضعف في كل شئ – الضعف الذي يعتبر أقوى من قوة الرجل – فإن ادنى شئ يمكن ان يشوه جمالها و يكسر انسانيتها .
بل انظر لقاسم اخر و هو ان القارورة لا تظهر الا ما ملئت به ما مادة ان جمالا و لذاذة و اما قبحا و مرارة , كذلك الزوجة فما ملأها الزوج بشئ من المعاني فاضت به و اظهرته في شتى صور علاقتها مع زوجها .
فانظر و قارن بين هذه الصورة التي رسمها الاعجاز النبوي بكلمتين , و بين تصورات الناس و طبيعة علاقاتهم بزوجاتهم .
تعلم من رسولك العظيم فن التعامل مع الزوجة وتقبل ضعفها وتقلباتها النفسية والمزاجيه المرتبطة بتكوينها الفطري وكان لكم في رسول اللّه اسوة حسنة في معاملته لزوجاته واحتوائه لهن فكيف تقول انك تقتدي بالرسول ومازلت تعنف زوجتك خيركم خيركم لأهله انظر كيف كان الكريم بخلقه يحسن اليهن حتي حينما غارت و غضبت السيدة عائشة ام المؤمنين وكسرت القدر وسكب الطعام علي الارض امام الصحابة واخذ الرسول الكريم يبتسم ويلملم فتات القدر ويقول غارت امكم ولم يقابل غضبها بغضب ذلك لفهمه صلوات الله عليه لطبيعة المرأة ونفسيتها ومزاجها ونقاط ضعفها اقتدي ايها الزوج برسول الانسانية في كل تصرفاته ليس في بعضها.