دائما ما تتطلع الشعوب لتحقيق طموحاتها وآمالها، فتبحث بإخلاص عمن يستطيع تحويل هذه الأحلام إلى حقائق ملموسة على أرض الواقع. ويكمن جوهر العملية الديمقراطية في وجود عدة أحزاب سياسية، متنافسة في الغالب فيما بينها، أو في بعض الأحيان متحالفة ومتوافقة، بحيث يمتلك كل من الحزب أو الائتلاف أو التحالف – أيا كانت المسميات – برنامجا واضحا وصريحا؛ يتعلق بمعرفة وتحديد المشاكل الراهنة والمستقبلية للشعب، ومن ثم وضع البرامج الملائمة التي تتواكب مع حجم التحديات المطروحة.
وتختلف الأدوار وتتنوع وفقا للنظام السياسي للدولة؛ سواء كان النظام الحاكم ينتمي إلى الأنظمة البرلمانية أو الرئاسية أو الأنظمة المختلطة، ففي بعض الأحيان يكون الرئيس هو المخول بتنفيذ برنامجه الانتخابي الذي حاز إعجاب الناخبين، أو يلعب رئيس الوزراء الدور الأكبر في العملية السياسية وتنفيذ برنامج الحزبي الذي يمثله؛ أو يكون النظام خليطا من هذا وذاك.
وبعد هذه المقدمة الطويلة بعض الشيء، نؤكد أن العملية السياسية في مصر تسير في إتجاه يحتاج إلى الكثير من التعديل والتصحيح، وهو الأمر الذي ربما لا يختلف عليه اثنان من المواطنين المصريين، فالعملية السياسية في أوج ضعفها، والأحزاب السياسية بعيدة كل البعد عن نبض الشارع وأحلام المواطن البسيط؛ الذي يكتوي حاليا بتبعات السياسات الحكومية لعملية الإصلاح الاقتصادي، أما عن البرلمان فحدث ولا حرج، حيث يكتنفه كالمعتاد صراعات المصالح والموائمات والتكتلات التي تبحث عن المكاسب المباشرة عوضا عن كونها ممثلة عن الفئات الشعبية المنهكة.
وفي ضوء ما سبق نقترح في هذا المقال مبادرة مختلفة بعض الشيء عن السياق، وقوامها عدم انتظار البرامج السياسية التي تقدمها النخبة الحاكمة، التي عادة ما تهوى على رأس المواطن من أعلى؛ وإنما طرح مبادرة شعبية في إطار برنامج متنوع يغطي كافة المشاكل أو أهمها؛ بحيث تجتمع حوله مختلف الطوائف الشعبية، ليكون معبرا عن المشاكل والصعاب التي يمر بها الشعب المصري في المرحلة الراهنة.
ولمزيد من توضيح الفكرة نقول أن جوهر هذه المبادرة هو طرح الخبراء من مختلف التيارات والإتجاهات الفكرية وفي كافة التخصصات، لرؤيتهم لحل المشكلات المصرية المزمنة سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، ويتم عقد لقاءات تجمع بين مختلف الأطياف الشعبية التي ترغب في المشاركة في هذه المبادرة، لصياغتها في صورة برنامج محدد واضح الإطار، ويمكن تقديم هذا البرنامج في إطار المبادرة لأحد المرشحين للانتخابات الرئاسية القادمة – والتي ستجري منتصف عام 2018 – كي يتبنى تنفيذه ووضع الخطط التفصيلية لتحقيق هذه الأحلام وتحويلها إلى حقيقة ملموسة.
هناك بالفعل مسافة واسعة بين المواطن المصري وبين الحكومة التي تعمل على تنفيذ مشروعات وأولويات خاصة بها، وللأسف كثير من هذه المشروعات لا تكون في قائمة أولويات المواطن المصري البسيط، الذي يمثل الأغلبية التي تأتي بتلك الحكومة أو ذلك الرئيس. وبالتالي يبقى المواطن ناقما على تلك الحكومة التي لا تشعر به ولا تعمل على حل مشكلاته الأزلية.