سنحت لي الفرصة مؤخرا في التواجد وسط أشقاءنا السودانيين والليبيين والأشقاء من دولة تشاد في أول فريق عمل داخل مشروع 1000 قائد إفريقي، وأصبتني الدهشة من مدي اختلافنا وتكاملنا في آن واحد والتي مكنتنا من تكوين وجهات نظر متكاملة حول موضوعات القضايا المثارة، وكنت سعيدة الحظ مرة ثانية أن الأسبوع الأول من المشروع كان يتزامن والملتقى العربي الإفريقي الذي انعقد بمدينة أسوان وخرج بمجموعة من التوصيات الهامة، ولكن جل ما لفت انتباهي هو التوصية التي أطلقها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية نحو عقد ملتقى مصري سوداني. (صورة 1)
وأعقب الملتقى تصريحات السيد اللواء مصطفى عامر، نائب رئيس هيئة وادى النيل للملاحة النهرية، بتسيير ميناء السد العالى أول رحلة نهرية سياحية بين مصر والسودان على أن تكون وجهتها النهائية ميناء “وادى حلفا”، وهي خطوة أولى هامة نحو تفعيل السياحة البينية بين الدول الإفريقية، من المؤكد أنها ستكون بمثابة تشجيع لباقي أبناء القارة على التكامل فيما بينهم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتشجيع السياحة البينية باعتبارها بمثابة رسالة سلام ونبذ العنف وتدعيم أواصر ومبادئ السياحة المسئولة.
وانطلاقاً من مفهوم السياحة المسئولة فإن الرحلة الأولى التي تقل أول فوج سياحى من مصر إلى السودان بعد انقطاع دام 100 عام كاملة، جاءت على متن مركب تم صناعتها حديثا ومكونة من 4 طوابق وتعمل بالطاقة النظيفة وهى “طاقة الرياح”.
وبالحديث عن الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع بين الشعبين، جاء دورنا في إلقاء الضوء على المزارات السياحية التي سيستمتع بها الأفواج السياحية عبر هذه الرحلة التي يمكن ان نسميها بالتاريخية بين البلدين، والتي من المتوقع ان يعيش مجربيها تجربة حياتية فريدة من نوعها.
سيتمكن السائحين من زيارة العديد من المزارات الأثرية والسياحية على ضفاف بحيرة ناصر بمصر وبحيرة النوبة بالسودان أهمها معابد عمدا والسبوع جنوب أسوان، ومعبد أبو سمبل، فضلاً عن زيارة متحف حضارة كرمة ومنطقة أهرامات مروى، وجزيرة ساى أحد أهم الجزر بالسودان، كما ستزخر الرحلات السياحية المتبادلة بين بالعديد من الآثار وستصبح بمثابة جولة سياحية متكاملة عن آثار النوبة، نظرا لأن السودان تملك العديد من المزارات الأثرية مثل معبد قرية الكرمة ومنطقة البركل الذى يعد من أهم مناطق الحضارة النوبية، ويزخر بمجموعة معابد على غرار معابد الكرنك بمحافظة الأقصر. (صورة 2)
في رأي قد يكمن في العمل على الترويج لهذه الرحلة التاريخية التي تجمع بين أبناء الشعب المشاركين في النهر المقدس وهو “نهر النيل”، والتي بدورها ستكون رحلة شاملة تاريخية ثقافية، وأعتقد أنه من المتوقع أن يشهد الملتقى المصري السوداني القادم فيلماً تسجيلياً يعرض لنا اللحظة التاريخية لهذه الرحلة الاستمتاعية عبر نهر النيل العظيم، وأن نبدء نحن كأبناء القارة نحو التعريف بها من خلال مجموعات أصدقاءنا، لذا وجدت أنه من الواجب علي كأحد المشاركين في مشروع 1000 قائد إفريقي أن ألقى الضوء على هذه التجربة حتى نكون سفراء لبلادنا ونلبي الدعوة الفعلية للتكامل، والتي تعد بدأت بخطوة هامة للسياحة المصرية السودانية، ومن الأحداث الهامة أيضاً للقارة تداول الأنباء حول العمل على الانتهاء من الممر الملاحى “الإسكندرية – الكيب تاون” الذى يربط بين البلدان المطلة على البحر المتوسط شمالاً وبحيرة فيكتوريا؛ مما سيكون له بالغ الأثر على زيادة معدلات نمو السياحة المصرية مع أفريقيا، التى لم تقتصر فقط على السودان بل ستمتد إلى جنوب أفريقيا وكينيا، وذلك لأن أحد أهم أسباب تراجع السياحة بين مصر وأفريقيا خلال الفترة الماضية، هو ارتفاع تكلفة النقل الجوى، لكن مع توفر الوسيلة النهرية ببرامج وأنشطة تجذب السائح، ستعمل على انتعاش القطاع السياحي الإفريقي كما صرح الخبراء السياحيين في المواقع الإخبارية المحلية المصرية؛ لتقوم القارة على قلب رجل واحد.