بقلم. د / سماح باقى
عقود الـ BOT والتجميع الذكي للقمامة في مصر: رؤية مستقبلية لإعادة التدوير
لا شك أن التحدي الذي تواجه مصر في أزمة القمامة يعلمه القاصي والداني فيها ، بل ويحتل القضاء عليها المرتبة الأولى في وعود بعض المترشحين للإنتخابات ، والتحدي الأبرز لكل مسؤول في المحليات يبحث عن إعادة الوجه الحضاري للدولة ، سيما في العاصمة ، وهو مما دفع بعض المحافظات للقضاء عليه بعدة طرق كان آخرها التعاقد مع إحدى الشركات حيث تقوم الشركة بناءً على تعاقدها بتقديم كل أنواع خدمات النظافة من التجمع السكني والتجاري ونظافة وغسيل الشوارع والمرافق العامة، وفقاً لخطة التشغيل التفصيلية المعدة من الشركة ، فهل كان ذلك كافياً؟
إذا ما نظرنا إلى هذه المشكلة في ضوء ما تواجهه مصر من تحدي كبير في إدارة المخلفات الصلبة، التي تسهم في زيادة حجم القمامة بشكل مطرد مع النمو السكاني والتوسع العمراني، و في ظل هذه الظروف، تبرز الحاجة إلى إيجاد حلول مبتكرة وفعالة وقابلة للتنفيذ لإدارة النفايات، ومن بين الحلول التي تطل براسها في هذة المشكلة تظهر نموذج عقود الـ BOT ، وعقود ال BOT هي اختصار لكلمة البناء (Build) حيث يتولى القطاع الخاص بناء المشروع.، و التشغيل (Operate): إذ يتولى القطاع الخاص تشغيل المشروع وإدارته لفترة زمنية محددة، ثم التحويل (Transfer): يتم تحويل ملكية المشروع إلى القطاع العام في نهاية فترة التشغيل.
ما هي عقود الـ BOT؟
عقود الـ BOT هي نوع من الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث يقوم القطاع الأخير بتمويل وبناء وتشغيل مشروع معين لفترة زمنية محددة، ثم يتم تحويل ملكية المشروع إلى القطاع العام في نهاية العقد،والسؤال هنا عن هل يمكن تطبيق هذا النموذج في مجال إدارة النفايات في مصر من خلال مستثمر يتولى مسؤولية جمع ونقل ومعالجة النفايات، وإعادة تدويرها.
التجميع الذكي للقمامة:
يقصد بالتجميع الذكي للقمامة إستخدام تكنولوجيا المعلومات والذكاء الإصطناعي وغيرها من التقنيات الحديثة والمتطورة في تجميع القمامة .
التجارب الدولية المهمة في هذا الصدد هي دولة ألمانيا واليابان ، ففي ألمانيا يعد نظام تجميع القمامة من أكثر الأنظمة تطورًا وفعالية في العالم، حيث يرتكز على مبدأ الفصل الدقيق للنفايات وإعادة تدويرها على عدة مراحل تتمثل في : :
1- مرحلة الفصل الدقيق للنفايات:
حيث يُطلب من السكان فصل النفايات إلى عدة فئات رئيسية و يتم توفير حاويات وأكياس مخصصة لكل فئة من النفايات.
2- . نظام الرهن على الزجاجات والعلب:
• نظراً لما تمثله العبوات البلاستيكية والمعدنية من أهمية ، يتم تطبيق نظام الرهن على الزجاجات والعلب البلاستيكية والمعدنية، إذ يتم دفع مبلغ إضافي عند شراء المشروبات، ويتم استرداد هذا المبلغ عند إعادة العبوات الفارغة إلى المتاجر.
والأمر في اليابان قد لا يختلف كثيراً ، بيد أنها تمتلك مرافق متطورة لإعادة التدوير ، وكذلك صناديق ذكية لتجميع وضغط القمامة.
إعادة التدوير “شفرة حل مشكلة القمامة”
تعتبر إعادة التدوير جزءًا أساسيًا من إدارة النفايات في زمن يسعى للتنمية المستدامة، إذ تساهم في تقليل حجم النفايات المتجهة إلى المكبات، وتوفير الموارد الطبيعية، وتقليل التلوث. يمكن أن تشمل عملية إعادة التدوير
معالجة بعض النفايات: لتحويل المواد القابلة لإعادة التدوير إلى منتجات جديدة.
إنتاج الطاقة من النفايات: باستخدام التقنيات الحرارية أو البيولوجية لتحويل النفايات إلى طاقة
رصف الطرق : حيث يتم رصف الطرق من المخلفات البلاستيكية .
استخدام عقود الـ BOT في مصر:
السؤال الأبرز في هذا المقال ، لم لا يتم الإستثمار في التجميع الذكي للقمامة وإعادة تدويره باستخدام عقود ال B.O.T في مصر ؟
حيث يتم الدمج بين النظام المتبع في اليابان والنظام المتبع في ألمانيا مع تطويعهم بصور تتناسب مع سيكولوجية المواطن المصري حتى يسهل إدخاله في المنظومة التشاركية .
– يقوم المواطن بفصل القمامة في المنزل بحسب كل نوع
– يخصص صندوق ذكي لكل نوع قمامة ولا يقبل غيره
– يقوم المواطن بإدخال كل نوع في الصندوق المخصص له مقابل نقاط على بطاقته يستطيع بها شراء السلع المختلفة
– يتم تدوير المخلفات في مصانع صديق للبيئة
– تصدير المخلفات الفائضة عن الحاجة
فوفقًا لبيانات “Statista”، في عام 2022، كانت تركيا دولة الوجهة الرئيسية لنفايات الاتحاد الأوروبي حيث تم إرسال حوالي 12.4 مليون طن إلى هناك، وهو ما يمثل 39% من إجمالي صادرات النفايات. بينما تلقت الهند ثاني أكبر كمية من نفايات الاتحاد الأوروبي في ذلك العام، حيث تلقت حوالي 3.5 مليون طن في المجموع. وتليها المملكة المتحدة وسويسرا بـ 2.0 و1.6 مليون طن
• تحسين كفاءة إدارة النفايات: من خلال استخدام التقنيات الحديثة وتحفيز القطاع الخاص على تقديم أفضل الخدمات.
• تقليل التكاليف: من خلال تحسين مسارات الجمع وتقليل حجم النفايات المتجهة إلى المكبات.
• توفير فرص عمل: من خلال إنشاء شركات جديدة في مجال إدارة النفايات.
• حماية البيئة: من خلال تقليل التلوث وتوفير الموارد الطبيعية.
تحديات التطبيق:
• الحاجة إلى استثمارات كبيرة: لإنشاء البنية التحتية اللازمة للتجميع الذكي وإعادة التدوير.
• الحاجة إلى إطار قانوني وتنظيمي واضح: لتنظيم العلاقة بين القطاعين العام والخاص.
• الحاجة إلى توعية الجمهور: بأهمية إعادة التدوير والمشاركة في جهود إدارة النفايات.
الخلاصة:
يمثل نموذج عقود الـ BOT فرصة واعدة لتحقيق التجميع الذكي للقمامة وإعادة تدويرها في مصر. من خلال تبني هذا النموذج، يمكن لمصر تحسين كفاءة إدارة النفايات، وحماية البيئة، وتحقيق التنمية المستدامة.
أجهزة الاستشعار: لتحديد مستويات امتلاء حاويات القمامة، مما يسمح بتحسين مسارات الجمع وتقليل التكاليف.
• تطبيقات الهاتف المحمول: لتسهيل التواصل بين السكان وشركات جمع النفايات، والإبلاغ عن حالات الطوارئ.
• نظام تحديد المواقع (GPS): لتتبع مسارات شاحنات جمع النفايات، وتحسين كفاءة العمليات.
• الذكاء الاصطناعي: لتحليل البيانات وتحديد الأنماط، مما يساعد في تحسين التخطيط والتنبؤ بحجم النفايات.