بقلــم دكتـــورة/ سمــــاح باقـــي
تعيش محافظة القاهرة لحظة استثنائية من الفخر بعد حصول محافظها على جائزة التميز الحكومي العربي، وهي واحدة من أبرز الجوائز الإقليمية التي تهدف إلى تعزيز الأداء المؤسسي على مستوى العالم العربي.
ويأتي هذا الفوز ليؤكد تحول الإدارة المحلية في العاصمة المصرية إلى نموذج يحتذى به في التطوير والخدمات وتحسين جودة الحياة، في ظل جهود تكاملية تشارك فيها مؤسسات الدولة كافة.
فما هي جائزة التميز الحكومي العربي؟
تعد جائزة التميز الحكومي العربي مبادرة مشتركة أطلقتها جامعة الدول العربية بالتعاون مع حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، بهدف الارتقاء بالأداء الحكومي في العالم العربي، وإبراز النماذج المُلهمة في الإدارة والابتكار والخدمات.
والجائزة لا تمنح مجاملة ، بل تعتمد على منهجيات عالمية في تقييم الأداء، وتشجع على تبني يم الجودة، والحوكمة، وإدارة الموارد بكفاءة، وتحقيق أثر ملموس على المواطن.
وتشمل الجائزة عدة فئات، منها:
أفضل وزير عربي، أفضل محافظ أو مسؤول محلي، أفضل مدير مؤسسة حكومية، أفضل مشروع حكومي، أفضل مبادرة مبتكرة، جوائز خاصة بالشباب والابتكار الحكومي…إلخ
معايير الترشح والفوز بالجائزة…. من يمكنه الترشح للجائزة؟
تستند الجائزة إلى منظومة تقييم دقيقة، من أهم عناصرها:
القيادة الفعّالة ومدى قدرة المسؤول على وضع رؤية واضحة، وإدارة فرق العمل، وتحقيق نتائج قابلة للقياس.
تحسين جودة الخدمات ومدى نجاح الجهة الحكومية في تقديم خدمات أسرع، وأسهل، وأكثر ارتباطًا باحتياجات المواطن.
التحول الرقمي والابتكار و التوسع في الحلول الرقمية، وابتكار آليات جديدة لإدارة الموارد وحل المشكلات.
الأثر المجتمعي الذي تعكسه سياسات الجهة على الواقع المعيشي للمواطنين.
الشفافية والحوكمة و وضوح الإجراءات، ومكافحة الهدر، ورفع كفاءة الإنفاق.
الاستدامة والتطوير المستمر و المحافظة على مستوى متميز عبر فترات زمنية متتالية، وليس مجرد إنجاز لحظي.
سجل الفائزون بالجائزة
منذ إطلاق الجائزة، فاز بها مسؤولون من عدة دول عربية في فئات مختلفة—وزراء، ومديرو مؤسسات حكومية، ومسؤولون محليون.
أما فئة أفضل محافظ عربي فشهدت عبر دوراتها السابقة تكريم عدد محدود من المسؤولين في المنطقة، نظرًا لصرامة المعايير وصعوبة المنافسة في الإدارة المحلية، بكن السؤال الأهم هو
هل محافظ القاهرة هو أول محافظ مصري يفوز بهذه الجائزة؟
والإجابة أن هذه المرة تعد من بين أبرز المرات التي يحصل فيها محافظ مصري على هذا المستوى من التقدير العربي في فئة المحافظين، ما يمنح الفوز وزناً إضافيًا، ويضع التجربة المحلية في القاهرة ضمن التجارب العربية المتميزة التي يمكن البناء عليها وتوسيع نطاقها.
وتجدر الإشارة إلى أن القاهرة شهدت في الفترة الأخيرة تنفيذ عدد كبير من المشروعات والخدمات التي أثرت مباشرة في حياة المواطنين، ومن أبرز المسارات التي تميّز بها:
تطوير الطرق والمحاور و تنفيذ مشروعات توسعة وربط محاور رئيسية داخل العاصمة، وتحسين الحركة المرورية في مناطق مختنقة تاريخيًا.
تطوير العشوائيات و الإسهام في نقل سكان المناطق غير الآمنة إلى مجتمعات حضارية جديدة، ضمن خطة الدولة للقضاء على العشوائيات.
. تحسين الخدمات اليومية من رفع كفاءة منظومة النظافة، وتطوير الميادين، وتحسين مستوى الإشغالات، وإعادة تنظيم الأسواق العشوائية.
. التحول الرقمي و إطلاق خدمات إلكترونية خاصة بالمحافظة، لتقليل الاحتكاك المباشر وتحسين كفاءة الإجراءات.
دعم المشروعات التنموية والمتابعة اليومية لمشروعات البنية الأساسية والإسكان والنقل، والتنسيق بين الجهات المعنية لتسريع التنفيذ.
وزيرة التنمية المحلية ودورها في الدعم والتوجيه
تلعب وزارة التنمية المحلية دور محوري في دعم المحافظات، ويشمل:
• وضع أطر ومعايير العمل المحلي التي تلتزم بها المحافظات في التخطيط والتنفيذ.
• تقديم برامج تدريب وتأهيل للقيادات المحلية من خلال ذراعها التدريبي ( مركز تدريب سقارة) والذي افتخر بكوني واحدة من خريجاته.
• متابعة مشروعات البنية الأساسية لضمان سرعتها وكفاءتها.
• دعم التحول الرقمي والخدمات الذكية داخل الإدارات المحلية.
• تعزيز التواصل بين المحافظات والجهات المركزية لضمان تذليل العقبات.
• دعم البحث العلمي بإصدار مجلة علمية جديدة تهتم بقضايا المحليات “رؤى محلية”
ومع فوز محافظ القاهرة، يتأكد دور الوزارة كجهة داعمة ومحورية في رفع مستوى الأداء المحلي، وتهيئة البيئة التي تسمح بالمنافسة على جوائز عربية وإقليمية.
الأسمرات درة المبادرات العربية
وتزداد القاهرة فخراً بفوز مشروع الأسمرات تتويجًا مستحقًا ضمن جوائز التميز الحكومي العربي، بعدما نجح في أن يكون أحد أبرز نماذج التطوير العمراني والاجتماعي في المنطقة. فقد مثّل المشروع نقلة نوعية في معالجة مشكلة العشوائيات، ليس فقط من خلال توفير مساكن آمنة وحضارية لعشرات الآلاف من الأسر، بل عبر بناء مجتمع متكامل يضم خدمات تعليمية وصحية وثقافية ورياضية، مما جعل التجربة المصرية في الأسمرات واحدة من أكثر التجارب تأثيرًا على مستوى المدن العربية. وجاء فوز المشروع ليؤكد أن الاستثمار في الإنسان هو الركيزة الأساسية لتحقيق تنمية مستدامة، وأن إرادة الدولة في القضاء على العشوائيات تحولت إلى إنجاز واقعي يلمسه المواطن في حياته اليومية.
ورغم ما يمثله فوز القاهرة من انعكاس لنضج التجربة المحلية في العاصمة، ونجاح نموذج إداري قائم على الشراكة بين
المحافظ، ووزارة التنمية المحلية، والجهات التنفيذية المختلفة، ورغم ما تحقق من إنجازات،إلا أننا ندرك أن منظومة المحليات لا تزال تواجه عددًا من التحديات التي تتطلب استمرار العمل والتطوير، وفي مقدمتها الحاجة إلى تعزيز الكوادر البشرية المؤهلة، وتوسيع نطاق التحول الرقمي ليشمل الخدمات كافة، إضافة إلى مواجهة الضغوط المتزايدة على البنية التحتية في المدن الكبرى. كما تمثل قضايا مثل الإشغالات، وإدارة المخلفات…إلخ .
بيد أن الإدارة المحلية اثبتت أنه حين تتوافر لها الرؤية والإرادة والحوكمة، يمكن أن تتحول إلى نموذج يُحتذى في المنطقة…….وللطريق دوماً بقية
























