جلس الزوج الثلاثينى على كرسى يقاوم السقوط، لايستره سوى بطانية مهترئة، قابع فى طرقة طويلة بمحكمة الأسرة بمصر الجديدة، تنتصب على جانبيها أبواب قاعات الجلسات، يمسح بمنديله البالى ذرات العرق المتصبب من جهته العريضة، معلقا ناظريه بدرجات السلم الرخامى، وكلما مرت عيني الموظف الثلاثينى على امرأة تشبه زوجته التى أقامت ضده دعوى خلع بعد 11 عاما من الزواج، تتبدل ملامح وجهه المشرب بصفرة الإجهاد وتنتابه حالة من القلق.
يقول الزوج فى بداية حديثه: “تزوجنا بعد سنوات من التعب والصبر والحلم بأن يجمعنا بيتا واحدا نقضى به ما تبقى من عمرنا سويا، وننعم فيه بالعشق الذى سكن قلوبنا منذ لقاءانا الأول بإحدى المناسبات، وأكمل الله سعادتنا بطفلين، ولا أبالغ عندما أقول أن حياتى مع زوجتى كانت أقرب إلى المثالية، هادئة ومستقرة ومليئة بالحب، وكان كثير من المقربين منى يحسدوننا على تلك الحياة ويتمنون أن يكونوا هم أبطالها، وكثيرا ما كنت أحدث نفسى بكم أنا رجل محظوظ تزوجت بمن اخترت وأحببت”.
يواصل الزوج حديثه مع مسح ذرات العرق المتصبب من وجنتيه وهو يقول: “لكن فى الشهور الأخيرة من حياتنا تبدل حال زوجتى، وباتت إنسانة أخرى غير تلك التى تزوجتها وعرفتها منذ ما يقرب من 11 عاما، تفتعل المشاكل وتتهرب منى، وغاب عنها الهدوء والرقة، وسكن البرود لمساتها ونبرات صوتها ونظراتها، وصرت أشعر أنها ليست معى وأخذت الشكوك تضرب بعقلى من ناحيتها، وكلما حاولت أن أستفسر منها عن سبب انقلاب حالها وخمول نار حبها لى، وأسألها فيما قصرت رغم أننى لا أتذكر أننى طوال حياتى معها قد رددت لها طلبا، قوبلت بعاصفة من البكاء والصراخ والاتهامات بعدم الثقة والشك، وسرعان ما يتحول الأمر إلى شجار حامى الوطيس، حتى جاء اليوم الذى انكشف فيه كل شىء وتأكدت من صدق حدسى بأن قلب زوجتى المخلصة بات معلقا بمدرس ابنى”.
يحاول الزوج الثلاثينى التقاط أنفاسه ثم ينهى روايته بسرد كيفية اكتشافه لعلاقة زوجته بمدرس ابنه قائلا: “الصدفة وحدها هى التى لعبت دور البطولة فى افتصاح علاقة زوجتى العاطفية بمعلم ابنى الذى لم يراع آداب مهنته، ودخل بيوت الناس ليسرق قلوب نسائهم، يومها كنت أسأل أبنى الذى لم يكمل عامه الثامن بعد عن أخبار دراسته، وبعفوية وبراءة شديدة منه تحدث معى عن علاقة أمه القوية بمدرسه الخصوصى وأحاديثهما المطولة ولقاءاتهما فى غيابى، نزلت كلمات ابنى على كالصاعقة وجن جنونى، ولم أشعر بنفسى سوى وأنا التقط سكين وأهرع إلى مكان عمله، وقبل أن اشتبك معه وأطعنه كما طعننى فى شرفى تراجعت بعدما تجسد أمام ناظرى مصير الطفلين إذا ما ألقى بى فى غيابات السجن، فعدت إلى البيت وواجهت زوجتى بما جاء على لسان الصغير لكنها أنكرت، وبعد تلك الواقعة فوجئت بها تقيم ضدى دعوى قضائية تطالب فيها بتطليقها منى طلقة بائنة للخلع”.






















