تقول الأمم المتحدة إن أزمة أقلية الروهينجا ذات الغالبية المسلمة في ميانمار “تبدو نموذجا للتطهير العرقي”، وفق تعريف ميثاق المنظمة الدولية، التي تقول إنها ليست “إبادة جماعية”.
وقد يبدو هذا التصنيف مثيرا للاستغراب إذ ما نظرنا إلى تعريف هذه الجريمة في المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية.
وتنص المادة على أن الإبادة الجماعية هي أي من الأفعال التالية المرتكبة بقصد تدمير جماعة وطنية أو اثنية أو عرقية أو دينية كليا أو جزئيا:
(1) قتل أعضاء الجماعة.
(2) إلحاق ضرر جسيم أو عقلي خطير بأعضاء الجماعة.
(3) التسبب للجماعة عمدا بأوضاع معيشية من شأنها أن تؤدي إلى تدميرها المادي كليا أو جزئيا.
(4) فرض تدابير تهدف إلى منع الولادة داخل المجموعة.
(5) نقل أطفال المجموعة قسرا إلى جماعة أخرى.
وإذ ما نظرنا إلى أزمة الروهينجا من منظور هذا التعريف، تكون حكومة ميانمار قد ارتكبت فعلين أو ثلاثة على الأقل (1،2،3) من أفعال الإبادة الجماعية بحق هذه الأقلية، التي فر مئات الآلاف منها مؤخرا إلى بنجلادش.
ويطرح هذا التصرف للحكومة في ميانمار بحق الروهينجا تساؤلا بشأن تردد الأمم المتحدة حتى اللحظة في تصنيف القتل الجماعي والإبعاد القسري لهذه الأقلية بأنه إبادة جماعية.
وللإجابة عن هذا التساؤل، لا بد من العودة إلى المادة الأولى من الاتفاقية نفسها.
معيقات التصنيف
وتنص المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية على أن “الأطراف المتعاقدة تؤكد أن الإبادة الجماعية سواء ارتكبت في زمن السلم أو في زمن الحرب هي جريمة بموجب القانون الدولي، وتتعهد بالوقاية منها والمعاقبة عليها”.
والأطراف المتعاقدة هذه هي 147 دولة موقعة على هذه الاتفاقية، وإن أرادت تصنيف أزمة الروهينجا باعتبارها “إبادة جماعية” تطلب الأمر موافقتها، ولهذا السبب لا يتم استخدام هذا الوصف.
لكن في حال تم إقرار هذا الوصف في ما يتعلق بأزمة الروهينجا، فإن وقف عمليات القتل والتهجير تكون حينها إجبارية، حتى لو تطلب ذلك التدخل بالقوة.
ومع عدم وجود شهية لغزو ميانمار، ستبقى أقلية الروهينجا المسلمة تعاني “تطهيرا عرقيا” وفق الأمم المتحدة، وإن كانت هذه التعريفات أو الفرق بينها لا تعني لمن فقد أهله ومسكنه أي شيء.