تشهد العلاقات المصرية السودانية تصعيدا مباشرا خلال الفترة الماضية , ومرشح باستمراره فى حال استمر حوار ” الطرشان ” بين القاهرة والخرطوم ولاسيما أن السودان أسست مواقفها التصعيدية على معلومات مغلوطة او استنتاجات غير صحيحة لسياسات مصرية تتماس مع السودان سواء “جغرافيا “أو “مصلحيا ” ,وأن التصعيد الحادث الآن من جانب السودان يهدف فى الأساس إلى تجاوز أزمات داخلية متوقعة خلال المرحلة المقبلة بعد إقرار الموازنة السودانية الجديدة وتشمل ارتفاعات غير مسبوقة فى الأسعار, مما ينذر بحدوث اضطرابات داخلية مما دفع نظام البشير إلى تطبيق قاعدة اختلاق عدو خارجى بهدف توحيد الجبهة الداخلية ، وأنً مثل هذا الأسلوب تلجأ إليه الأنظمة الاستبدادية لتجاوز أزماتها الداخلية، وقد تحقق هذا عبر قرار استدعاء السفير السودانى بالقاهرة من جانب الحكومة السودانية لابراز حالة عداء من جانب مصر تجاه وهو امر غير موجود بالأساس.
وأنً إبراز مصر كعدو يحظى بزخم شعبى كبير ويزيد من فرص تدفق الأموال القطرية والتركى إلى نظام البشير .
ولعبت قطر عبر قناتها و إثيوبيا عبر تسريبات لأخبار لم تحدث أصلا , دورًا محوريا فى التصعيد الذى تقوم به الخرطوم حيث قامت الدولتان بترويج معلومات غير حقيقية عن سياسات مصرية “زعمت ” إثيوبيا أنها ضد السودان ، وكان فى مقدمة المعلومات المغلوطة التى أرسلتها إثيوبيا إلى السودان عبر وسائل متنوعة , تلك المزاعم القائلة بأن وزير الخارجية المصرى طرح على الجانب الإثيوبى خلال زيارته الأخيرة، استبعاد السودان من اللجنة الفنية الثلاثية الخاصة بسد الألفية الإثيوبى، فيما كانت الحقيقة أن مصر قدمت عرضًا للسودان وإثيوبيا تطلب فيه بانضمام البنك الدولى إلى اللجنة الفنية الثلاثية الخاصة بالسد الإثيوبى باعتباره طرفا محايدا ويملك القدرات الفنية، كما روجت قطر عبر إعلامها المضلل معلومات عن إمدادات عسكرية مصرية إماراتية لدولة إرتيريا وأن تلك المساعدات العسكرية سوف تذهب إلى متمردى دارفور ، مما دفع الخرطوم إلى اتخاذ قرار بإغلاق الحدود مع إرتيريا بالتزامن مع قرار إثيوبيا بإغلاق حدودها مع إرتيريا ،لتأكيد ” أكذوبة ” الحرب العسكرية المصرية على السودان, وكما تروج إثيوبيا عن عن دعمًا مصريا لدولة إرتيريا، وهى أيضا وراء الترويج عن دعم مصرى لدولة جنوب السودان وهو الأمر الذى ترفضه كل من الخرطوم وأديس أبابا باعتبار الوجود المصرى فى جنوب السودان يأتى خصما من الدور والنفوذ الإثيوبى فى جنوب السودان ويتقاطع أيضا مع مصالح الخرطوم التى تنحاز لأحد أطراف الصراع فى جنوب السودان وعلى الصعيد المصرى , تبدو زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان مثيرة للقلق الإعلامى فى القاهرة على خلفية المواقف والسياسات العدائية التى تنتهجها تركيا ضد مصر على دار السنوات الاربع الماضية ، وزاد من هذا القلق , قرار الحكومة السودانية بالتنازل عن جزيرة سواكن كى تديرها تركيا وبدون سقف زمنى أو تحديد لماهية الوجود التركى فى الجزيرة ، وخاصة بعد خطوات تركية سابقة بإقامة منطقة عسكرية لها فى الصومال , مما يعزز شكوك القاهرة من نشاطات استخبارية تركية ضد مصر والوضع فى البحر الاحمر بشكل عام وعلى ضوء ماسبق , تؤسس المعطيات السابقةإلى إصرار السودان على إدخال العلاقات بين القاهرة والخرطوم إلى منحدرات خطرة تتجاوز المسميات التاريخية لعلاقات البلدين والتى كانت توصف بالتاريخية والعضوية ،فيما وقفت كل الأطراف العربية والإقليمية بالاتحاد الأفريقى أو جامعة الدول العربية , متفرجة بانتظار حسم المواجهة بين الشقيقين بنظام قواعد المصارعة والتى تحسب اما بـــ ” القاضية ” أو “النقاط “.