أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، في كلمته في ملتقى الفكر الإسلامي بالحسين، أن الوزارة تقوم بالتنسيق المستمر مع لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب ، مشيرًا إلى أن هناك أكثر من 700 ملتقى فكريا يوميا على مستوى الجمهورية ، ونستهدف الوصول إلى نحو 22 ألف ملتقى فكري في هذا الشهر الكريم ، موضحا معاليه أن الوزارة قامت بعمل مسابقة لاختيار الأصوات الحسنة بالتنسيق مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون ، كما تم عمل مسابقة للقراء الموفدين الذين يمثلون مصر في مختلف دول العالم ، وللأئمة الذين يُصَلُّون التراويح بجزء كامل.
وفي سياق متصل أشار وزير الأوقاف أن النفس والعقل والإنسانية ، وكل ما يتصل بالإنسان يؤثر مكارم الأخلاق ، فقد أجمعت الشرائع السماوية على جملة كبيرة من القيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية ، ولم يختلف على ذلك دين من الأديان أو ملة من الملل ؛ لأن مكارم الأخلاق أمر ثابت ومتفق عليه ، يقول رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) : ” إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق “، ولأن الأخلاق تقي الإنسانية كلها من مهاوي السوء ، مشيرًا إلى أن الإنسان يعرف بأخلاقه ، فإذا أردت أن تعرف إنسانًا فاسأل عن أخلاقه.
وأضاف أن الشرائع قد تختلف في العبادات وطريقة أدائها وفق طبيعة الزمان والمكان ، لكن الأخلاق والقيم الإنسانية التي تكون أساسا للتعايش لم تختلف في أي شريعة من الشرائع ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت ” ، موضحا أنه لا توجد شريعة من الشرائع أباحت قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، أو أباحت عقوق الوالدين ، أو أكل السحت ، أو أكل مال اليتيم ، أو أكل حق العامل أو الأجير ، أو أباحت الكذب ، أو الغدر، أو الخيانة، أو خُلف العهد ، أو مقابلة الحسنة بالسيئة، بل على العكس فإن جميع الشرائع السماوية قد اتفقت وأجمعت على هذه القيم الإنسانية السامية ، من خرج عليها فإنه لم يخرج على مقتضى الأديان فحسب ، وإنما يخرج على مقتضى الإنسانية وينسلخ من آدميته ومن الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها .
وبما أننا في شهر الأخلاق فقد قسم العلماء الصوم إلى ثلاثة أنواع ، الأول : صوم العوام ، وهو الإمساك عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، الثاني : صوم الخواص وهو أن تصوم الجوارح عن المعاصي ، فيكف الإنسان لسانه عن الغيبة والنميمة ، وعينه عن النظر إلى ما حرم الله ، وأذنه عن سماع ما يغضب الله ، ويده عن أذى الناس ، وهو ما يتسق مع المعنى العام للإسلام الذي يعد الصيام أحد أركانه ، أما أولئك الذين يصومون عن الحلال ويفطرون على ما حرم الله من المال الحرام أو الطعام الحرام ، أو بالنيل من خلق الله غيبة ونميمة فما صاموا ولا انتفعوا بصيام ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” .
أما النوع الثالث: فهو صوم خواص الخواص الذي لم يقف عند الترفع عن المعاصي فقط وإنما الاجتهاد والتعب في تحصيل مكارم الأخلاق وعلو الهمة فيها ، فهو كف القلب عن الهمم الدنية والشواغل الدنيوية والإقبال على الله (عز وجل) بالكلية ، والتحلي بكل مكارم الأخلاق والترفع عن السفاسف والدنايا ، فهؤلاء هم من يعرفون للشهر قدره ، ويدركون له عظيم مكانته , فهم الذين عرفوا , فهم أولى الناس بالتعرض فيه لنفحات ورحمات الله (عز وجل).
كما أكد أن الشعب المصري بطبيعته محب للأخلاق ويسعى لمكارمها ، ومما أضعف الأخلاق في الآونة الأخيرة أن الجماعات المتطرفة وظفت الدين توظيفا سياسيا وكانت لا تعنيهم الأخلاق بقدر ما يعنيهم تسويق أنفسهم سياسيا ومجتمعيا ، على أننا باستردادنا للخطاب الديني من أيدي هذه الجماعات المتطرفة وضعنا الأمور في نصابها ، وجعلنا من ترسيخ مكارم الأخلاق أولوية دعوية في خطابنا ، وهذه رسالة أئمة وزارة الأوقاف .