تعتبر أمراض الجهاز الهضمي الأكثر شيوعاً بين الصائمين في شهر رمضان، خاصةً عسر الهضم والإمساك والتلبك المعوي، انتفاخ البطن؛ لارتباط ذلك بالسلوك الغذائي للصائم خلال فترة الافطار وبعده.
وتستقبل أقسام الاسعاف والطوارئ في المستشفيات عامة ما بعد فترة الافطار، الكثير من الحالات المرضية التي تعاني من التلبك المعوي على مدى أيام رمضان،
وحسب مصدر طبي، فإن معدل حالات التلبك المعوي التي تراجع قسم الاسعاف والطوارئ في المستشفيت يومياً يتراوح بين 50 و70 حالة مرضية، وتحديداً خلال فترة ما بعد الافطار لحين فترة السحور.
ويُعرف التلبُك المعوي، أو انفلونزا الأمعاء، بأنه التهاب في الأمعاء، يرافقه الإصابة بالإسهال الذي قد يكون شديداً، إضافة إلى آلام في البطن، والغثيان مع التقيؤ، ويصاحبه ارتفاع في درجة حرارة الجسم أحياناً.
إلى جانب التلبُك المعوي، أو ما يعرف بالاضطراب المعوي، يصاب الصائمون في حال ممارستهم سلوكيات غذائية غير صحية وخاطئة بمرضي التخمة والسمنة، فضلاً عن عسر الهضم والامساك والانتفاخ.
ويُصاب بعض الصائمين بتلك الأمراض؛ جراء سلوكيات غذائية غير صحية خلال فترة الافطار على صلة بالنظام الغذائي للصائم وقت الافطار وبعده، وبالطريقة التي يتبعها عند تناول الطعام.
إن عسر أو سوء الهضم أو التخمة هو اضطراب وظيفي في الجهاز الهضمي، لا يرتبط بأي مرض عضوي، ومن أهم أسبابه الإفراط في تناول كميات كبيرة من الطعام على الوجبة الواحدة، أو تناول الطعام بسرعة دون أخذ الوقت الكافي لمضغ الطعام وبلعه.
ومن أسبابه كذلك ما يتعلق بالحالة النفسية، وتناول الطعام في حالة الإرهاق والتعب.
وتتمثل أعراض عسر أو سوء الهضم بآلام في البطن، أو انتفاخ أو غثيان أو تقيوء أو التجشوء، تكون ناتجة عن أسباب بسيطة كتناول أطعمة مهيجة لغشاء المعدة، أو الإفراط في تناول الأطعمة الدهنية أو عالية البروتين.
إلا أن استمراره قد يرجع إلى أعراض مرضيه، مثل ارتداد العصارة المعدية للمريء، وزيادة حموضة المعدة، وقرحة المعدة، وأمراض المرارة والبنكرياس، لذلك على الأشخاص الذين تستمر عندهم أعراض سوء الهضم، مراجعة الطبيب لإجراء فحوصات طبية للتأكد من عدم وجود أسباب مرضية مزمنة.
الذين يعانون من عسر الهضم قد تتحسن حالتهم خلال فترة الصوم، مع مراعاة أسس التغذية الصحية، من توازن في الكمية والنوعية المتناولة على مدار فترة الإفطار، لكن عسر الهضم غالباً ما يصيب النساء أكثر من الرجال.
أما النصائح الغذائية الواجب مراعاتها خلال فترة الصيام، نؤكد أهمية تناول وجبات خفيفة متوازنة خلال فترة الليل بين وجبة الإفطار إلى وجبة السحور، والإكثار من الألياف الغذائية في الوجبة، والتي تتوفر في الخضار والفاكهة والحبوب الكاملة ورقائق الشوفان.
وننصح الصائمين بالامتناع أو التخفيف من تناول المعجنات خلال فترة الإفطار، وعدم تناول الكافيين « القهوة » أو المشروبات الغازية على الإفطار أو بعد الوجبة مباشرة، كونها تزيد من عسر الهضم.
ويُفضل التقليل من تناول المقالي والدهون الزائدة، خاصة تلك التي في الأطعمة الجاهزة والوجبات السريعة، والأطعمة الحارة، والشيبس، والأطعمة المالحة، والأطعمة الغنية بالبهارات والسكريات، لأنها تزيد من احتمالية الاضطراب الوظيفي للجهاز الهضمي عبر زيادة إفرازات تؤخر من هضم البروتين.
ونحث الصائمين على مضغ الطعام بشكل جيد وبلعه بلطف، ونحذر من الاكثار من شرب الماء أثناء وجبة الافطار، كون ذلك قد يؤدي إلى خفض فعالية أنزيمات الهضم، ما يتسبب بتلبك معوي عند بلع الطعام بسرعة دون مضغه جيداً.
وننصح الصائمين بالمشي على الأقدام بعد الإفطار بساعة على الأقل، لأن الحركة والمشي أفضل علاج لمشاكل الهضم، كما أن البعد عن مصادر التوتر والقلق والخوف وغيرها تساعد في التخفيف من مشكلة عسر الهضم.
وفيما يتعلق بغصابة الصائم بالانتفاخ، نرأى أن تشكل الغازات في الجهاز الهضمي مسألة طبيعية، ولكن بعض أنواع الأطعمة قد تتسبب في إنتاج غازات إضافية، والتي بدورها قد تؤدي إلى مشاكل في الهضم، وآلام في البطن، كما أن لبعض الخمائر تأثير سلبي على تشكل الغازات وتجمعها في القولون.
ان المصدر الأساسي للتجشؤ هو الغازات الهوائية التي يبتلعها الشخص دون أن يحس، أما غازات البطن الأخرى، فمصدرها تحلل غذائي لبقايا الطعام بواسطة بكتيريا القولون، وتفاعل حامض المعدة مع المركبات القلوية الموجودة في إفرازات الاثني عشر والأمعاء والناتج هو غاز ثاني أكسيد الكربون.
ونشير إلى أن قلة النشاط البدني، وضعف حركة القناة الهضمية، وابتلاع الهواء، ونوع الغذاء المتناول، واضطرابات القناة الهضمية، كلها عوامل تزيد في كمية الغازات والشكوى من أعراض الغازات.
وننصح الصائمين الذين يعانون من النفخة والغازات، بالتخفيف من استهلاك سلطة الخضار النيئة، واستبدالها بخضار مطبوخة أو مسلوقة، وندعي إلى تناول بعض المواد الغذائية مثل الكمون والزهورات واليانسون والنعنع والبابونج بعد الوجبة للتخفيف من أعراض النفخة.
ونلفت إلى أن تناول الأشخاص الذين لديهم نقص في أنزيم « اللاكتيز » لمادة الحليب، قد يؤدي إلى زيادة في إنتاج الغازات في القولون وزيادة الانتفاخ، كما وجد أن البقوليات كالفول تحتوي على بعض السكريات التي يصعب هضمها، وتؤدي إلى حدوث الغازات، لذا على الصائم أن يقلل من استهلاكها وتقليل تناول أي مواد غذائية أخرى تسبب له مشكلة الغازات.
أما مرض الامساك الذي هو صعوبة في التبرز، فتتمثل أعراضه بـ”إخراج براز صلب أحياناً مع عدم انتظام في حركة القولون، وعدم القدرة على التبرز عند الرغبة، أو التبرز غير المنتظم، ويمكن اعتبار الشخص مصابا بالإمساك، عندما يتبرز أقل من ثلاث مرات في الأسبوع، أو أن يمر أكثر من 3 أيام دون أن يتبرز.
وهنا نوضح أن قلة السوائل وقلة الحركة من أهم الأسباب المسؤولة عن الإمساك عند الصائم تليها كثرة تناول اللحوم والدهنيات.
وللحد من المشكلة والوقاية منها، ننصح الصائمين بشرب لتر ونصف من الماء على الأقل من ساعة الإفطار.