مصر دولة زراعية، هذا شعار رفعه المصريون منذ أن ارتبطوا بالنيل، وفرضته عليهم الظروف عندما توسعوا في صحاريها حيث الزراعة عماد الحياة اينما سكنوا أراضيها وعمروا فيها، ليظل قطاع الزراعة موضع اهتمام كل متطلع للنهوض بالوطن وتحسين مستوي معيشة المواطنين، لما يمثله هذا القطاع من قدرة علي تحقيق الأمن الغذائي والمرتبط بالعديد من الجوانب التي تحقق الأمن للمجتمع ودوره في توفير فرص عمل وانشاء مجتمعات زراعية، وعليه تقوم الكثير من الصناعات، وما إلي ذلك من الأمور المعروفة والتي يأتي ذكرها تذكيرا… ولكن قطاع الزراعة كغيره من القطاعات حيث تواجهه الكثير من المعوقات التي تكمن بين وضع السياسات وتطويعها الي استراتيجيات وتحويلها إلي خطط تنفيذية ومتابعة تحقيق أهدافها. وهذا مكمن الخطر الذي عانت منه مصر عبر عقود ، تلك المعوقات التي تسببت فيها سيطرة السلطة المطلقة لوزراء أو مسئولين في بعض الملفات حتي أضروا بالمصلحة العامة إما بقصد أو بغير قصد حتي كاد الأمل ينقطع في هذا القطاع أن يحقق المرجو منه للوطن. ويتجدد التطلع لدور القطاع مع كل تعديل وزارى جديد خصوصا اذا أتي بوزير من خارج التكتلات التي ضربت بجذورها في مفاصل وأركان قطاعات الوزارة ،،، فتتعاظم الأمنيات أن يستطيع الوزير الصمود وألا يتم اختطافه من قبل هذه التكتلات؟! وينتظر البعض أن يقدم معالي الوزير علي بعض الإجراءات الإصلاحية والتي منها محاولة الاستفادة من التجارب العالمية لتحسين السياسات الزراعية المصرية ، ومن أهمها التجربة الهندية وإنشاء مجلس السياسات الزراعية ، والتجربة الصينية ودور التعاونيات الزراعية ، والبرازيل وكيف استطاعت المشروعات الزراعية الصغيرة في سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك ودور قطاع الزراعة في نجاح تجربة داسيلفيا بالتعاون مع قطاعات التموين والتجارة والصناعة …. تجارب عالمية كثيرة لدول كان قطاع الزراعة فيها يعاني ما تعانيه الزراعة المصرية ولكن حققوا نجاحات ارتفعت بالناتج القومي وعظمت من دور الكثير من القطاعات الإنتاجية والخدمية في هذه البلدان ،،، التقليد مع الأخذ في الاعتبار الفروق الفردية والظروف الراهنه ليس عيبا ،،، والاعتماد علي خطط الدول التي حققت نجاحات مع تطويع هذه الخطط بما يخدم أهداف الوطن ليس مستحيلا ، مهاتير محمد في ماليزيا عندما أراد أن ينهض بقطاع التعليم أرسل إلي عدة دول أوروبية ان يمدوه بمجموعة من الخبراء والمستشارين وكانت مهمتهم أن يستضيفهم بعض ايام كل عام في ماليزيا يستمع هو وفريق عمله الي تجاربهم وآرائهم ومقترحاتهم ويدونها ثم يقوموا بدراستها ويطبقوا الممكن منها ويتناسب مع الظروف الماليزية ثم يقوم باستدعاء الخبراء لتقييم ما تم وتزويده بمقترحات للفترة المقبلة ، وعندما نهض مهاتير محمد بقطاع التعليم تم تعيينه وزيرا للتجارة والصناعة وبرع في تقدم بلاده وحولها من بلد كان يعتمد فقط علي الزراعة الي قوة صناعية وتجارية وتجارية كبيرة ، وعندما تولي رئاسة الوزراء نهض بكل القطاعات في ماليزيا ، وما انتهجه مهاتير هو ذاته الذي انتهجه داسيلفيا هو بعينه المنهج الذي تعتمد عليه الصين وكوريا الجنوبية وتايلاند في الاستفادة من تجارب الدول والاستعانة بخبراتها وتطويع نجاحات الغير لتتكرر بما يناسب بلادهم… وعودة الي قطاع الزراعة المصري والفجوة بين السياسات والتنفيذ ، تلك الاستراتيجيات التي كان موضع لهو وعبث بعض السادة الوزراء السابقين والذين يعلم المهتمون من الشعب المصري أن منهم من اجتهد فأخطأ ومنهم من لم يساعده المناخ السياسي وقتها علي تحقيق الافضل ، كما كان منهم من لو سألناه عن توصيف مهامه كوزير فلم يكن ليدركها… ومع قدوم الوزير الجديد بما سمعناه عنه من خصال وانجازات فهل من الممكن ان يكون مهاتير الزارعة المصرية ، وهل سيكون داسيلفيا الزراعة المصرية وهل سيعيد لمصر مكانتها الزراعية ، والسؤال الذي كان ما سبق مدخلا له : هل من الممكن استعادة التفكير في إنشاء كيان مستقل عن ديوان وزارة الزراعة تكون مهمته الأولي (وضع سياسات قطاع الزراعة ومتابعة تنفيذها) وأن يترك للوزارة مهمة التنفيذ طالما أن الوزارة بهيكلتها الحالية وما تعانيه من معوقات تحول دون قيام الوزارة بوضع سياساتها …. فكرة إنشاء كيان لوضع السياسات الزراعية هو أحد أهم الأسباب التي أدت إلي نهوض الزراعة الهندية وبعض الدول الآسيوية ،،، ولنا لقاءات أخري في تجارب دولية أدت للنهوض بالقطاعات الحيوية في أوطانها…..
والله الموفق
حفظ الله مصر