دكتـــورة سمــــاح باقـــــــــــــي تكتــــــــــــــــــــب…….
في خطوة تشريعية ذات دلالات اقتصادية عميقة، دخل قانون رقم 170 لسنة 2025 حيز التنفيذ في أغسطس الماضي، ليعيد من جديد رسم حدود دور الدولة داخل الشركات المملوكة لها أو الشركات التي تسهم فيها.، والقانون الجديد بهذه المثابة يشكل إضافة أوسع وأعمق ليس لنصوص قانونية فحسب بل إضافة إلى سجل التشريعات، وهو يفتح بابًا واسعًا أمام تغيير قواعد اللعبة داخل الاقتصاد المصري، ويعكس توجهًا واضحًا نحو زيادة الاعتماد على القطاع الخاص وتوسيع نطاق الشراكات الاستثمارية.
دولة تعيد رسم حضورها في السوق
ظلت بعض الشركات المملوكة للدولة لسنوات طويلة تعمل في إطار مغلق، بعيدًا عن المنافسة المباشرة وآليات السوق أو عن إمكانية دخول شركاء جدد، بيد أن القانون الجديد يأتي لتحويل هذه المعادلة.
فمع إلغاء القيود التي كانت تمنع قديماً الجهات الحكومية من التصرف في حصصها إلا داخل الإطار الحكومي، يصبح الباب الىن مفتوحًا أمام المستثمرين ، محليين كانوا أو أجانب ، للمشاركة في إعادة هيكلة هذه الشركات أو الاستحواذ على حصص فيها.
وتعد رؤية الحكومة التي تستهدف رفع مساهمة القطاع الخاص في الاستثمارات الكلية إلى 63% خلال خطة التنمية لعام 2025/ 2026هي الظهير القوي الذي مهد لهذا التحول والذي أكمل “الحلقة المفقودة” التي كانت الدولة تحتاجها لتكتمل صورة الإصلاحات الاقتصادية.
حوكمة أوضح… وتطلع لاستثمار أكبر
يعد إلزام القانون للحكومة بإصدار وثيقة سياسة ملكية الدولة إحدى أبرز النقاط المحورية في القانون ، ووثيقة سياسة ملكبة الدولة ، لمن لا يعرفها ، هي وثيقة تحدد بوضوح أين ستبقى الدولة، وأين ستتخارج، وما هي الشركات التي ستدخل مرحلة إعادة الهيكلة، في وضوح تشريعي ينعكس مباشرة على ثقة المستثمرين، سيما في القطاعات التي تستدعي استثمارات طويلة الأجل.
كما يأتي القانون بإنشاء “الوحدة المركزية للشركات المملوكة للدولة” باعتبارها جهة مستقلة تابعة لمجلس الوزراء ليعزز من مبادئ الحوكمة، فهذه الوحدة المزمعة ستكون مسؤولة عن تقييم الشركات الحكومية، وتحديد أفضل طرق إدارتها أو التخارج منها، وهو ما يعد خطوة جوهرية لتقليل الغموض الذي كان يواجه المستثمرين سابقاً لعقود طويلة.
بيئة أعمال ترسخ للتنافسية
يعزز هذا القانون من تنافسية بيئة الأعمال عن طريق فتح المجال أمام القطاع الخاص للدخول في الشركات الحكومية ، مع وجود منافس قوي من القطاع الخاص يدفع الشركات الحكومية إلى تحديث أدائها وتحسين كفاءتها التشغيلية، كما يعطي المستهلك خدمات وسلعًا أعلى جودة بأسعار أكثر عدلاً ، هذا كله يعزز من قيم التنافسية التي تؤثر بالطبع على عاصر الجودة والأسعار.
كما ترفع القواعد الجديدة ترفع من جاذبية السوق المصرية بالنسبة للمستثمر الأجنبي، فإن ، لأن بيئة الأعمال كلما كانت أكثر وضوحًا وتنافسية أصبحت عنصرًا حاسمًا في أولويات الاستثمار الدولية.
التحديات قائمة… والتنفيذ كلمة السر
رغم الطموح الذي يتملكنا مع كل تشريع جديد والتفاؤل بأننا نسير على درب الوصول للغايات التي كانت قديماً بعيدة، فإن التحليل الموضوعي يقتضي لتأكيد على أن التحديات تبقى قائمـة، فتنفيذ الإصلاحات على أرض الواقع يحتاج إلى أجهزة حكومية قادرة على تسريع الإجراءات، وتقديم تقييمات شفافة للشركات قبل التخارج، ومنع تضارب المصالح.
كما أن قدرة القطاع الخاص على استيعاب هذا الانفتاح ربما تختلف من قطاع إلى آخر، سيما في ظل ارتفاع تكلفة التمويل، على أننا نأمل أن يظهر تأثير القانون الإيجابي تدريجيًا مع بدء تطبيق وثيقة ملكية الدولة وإعلان خطط التخارج القطاعية.
وهنا يمكن القول إن قانون 170 لسنة 2025 يمثل خطوة كبيرة في طريق إصلاح الاقتصاد المصري، فهو لا يحدد فقط علاقة الدولة بالشركات، بل يعيد تعريف الدور الاقتصادي للدولة نفسها، وإذا ما نفذ القانون بكفاءة واتساق مع بقية سياسات الإصلاح، فقد يشكل قاعدة جديدة لتحسين بيئة الأعمال وتعزيز ثقة المستثمرين، ويمهد لتحول هيكلي طال انتظاره نحو اقتصاد أكثر انفتاحًا ومرونة…..وللحديث دوماً بقــــــــــــــيـة

























