دكتـــــــورة سمــاح بـاقـي تكــتـب …..
نعلم جميعاً انه ما من شئ شغل جموع المصريين في السنوات الماضية مثل الشأن الاقتصادي ، وفي خطوة تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال وتحفيز الاستثمار، أصدرت الحكومة المصرية تعديلات جديدة استهدفت قوانين الضرائب في مصر.
شملت هذه التعديلات مجموعة من القوانين كان من أهمها قانون 5 و6 و7 لسنة 2025، ربما لأنها محل اهتمام العديد من المستثمرين المحليين والدوليين. ما يدفعنا لطرح السؤال الأهم: هل هذه التعديلات تمثل فعلاً “وقودًا” للاستثمار في مصر، أم أنها مجرد إصلاحات شكلية لن تكون لها آثار فعلية على الاقتصاد؟
التعديلات الضريبية 2025: ملامح جديدة
جاء قانون 6 لسنة 2025 بحزمة من الحوافز الضريبية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) حيث تم تخفيض نسبة الضريبة المفروضة على الإيرادات بدلاً من الأرباح والتي قد تتراوح نسبتها بين 0.4% و1.5% بناءً على حجم الإيرادات السنوية، كما تم إعفاء الشركات المخاطبة من العديد من الرسوم الضريبية مثل ضرائب الأرباح الرأسمالية على بيع الأصول، وهو ما يزرع الأمل بتقليل الأعباء على المشاريع الصغيرة ويدعم قدرتها على التوسع.
ولطالما كانت مشكلة النشطة غير الرسمية مؤرقة للنظام الاقتصادي ككل، ومع قانون 5 لسنة 2025 تنفتح فرصة تسوية أوضاع الشركات والممولين الذين لم يلتزموا بالتسجيل الضريبي في الفترات السابقة، وهي خطوة هدفها المساعدة في دمج العديد من الأنشطة غير الرسمية في الاقتصاد الرسمي، وهو ما سيؤدي إلى تحسين البيئة الضريبية ورفع مستوى الإيرادات الحكومية.
ولم يخرج قانون 7 لسنة 2025 لتعديل قانون الإجراءات الضريبية الموحد عن هذا السياق ، فقد تبنى نهج يجعل التعامل مع المصلحة الضريبية أكثر سلاسة وشفافية. هذه التعديلات تهدف إلى تقليل الأعباء البيروقراطية وتسهيل الإجراءات للمستثمرين.
هل تمثل هذه التعديلات “وقودًا” للاستثمار؟
قبل الجزم بما إذا كانت التعديلات الضريبية تشكّل خطوة نحو تحقيق بيئة أكثر جاذبية للاستثمار، فإن هناك عدة عوامل تساهم في تحديد مدى نجاح هذه الخطوة.
تخفيف العبء على الشركات الصغيرة والمتوسطة
تعد المشروعات الصغيرة والمتوسطة حجر الزاوية لأي اقتصاد ناشئ، وهذا ما تركز عليه التعديلات الضريبية. فحوافز مثل الضريبة الثابتة على الإيرادات تساعد هذه الشركات على النمو دون الخوف من التعقيدات الضريبية، كما أن تخفيض العبء الضريبي على الأرباح الرأسمالية يمكن أن يشجع على توسيع الأنشطة التجارية، هذا من شأنه أن يسهم في خلق بيئة أكثر ديناميكية ويوفر فرص عمل جديدة، مما يسهم في تحسين النمو الاقتصادي.
دمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الرسمية
واحدة من أهم الفرص التي تتيحها هذه التعديلات هي تسوية أوضاع الشركات غير المسجلة أو غير المنتظمة في الإقرارات الضريبية، هذا من شأنه أن يساهم في دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، مما يزيد من الإيرادات الضريبية للدولة ويحسن الشفافية، و مع تسجيل المزيد من الشركات في النظام الضريبي، ستتمكن الحكومة من رصد الأنشطة الاقتصادية بشكل أفضل وتحقيق النمو المستدام.
تحفيز الاستثمار الأجنبي والمحلي
الشفافية والبساطة في الإجراءات، التي يعززها قانون 7 لسنة 2025، من الممكن أن تكون محفزاً للمستثمرين الأجانب.، فالتسهيلات الضريبية، بالإضافة إلى الإجراءات المبسطة، تجعل من مصر بيئة أكثر جذبًا للاستثمار، لما يخلفه في ذهن المستثمرون من ـن النظام الضريبي يتيح لهم مزيدًا من الأمان والاستقرار.
. هل سيحقق الاستثمار الذروة؟
على الرغم من هذه التعديلات الجيدة، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تحد من فعالية هذه الإصلاحات
محدودية تأثير الحوافز على الشركات الكبرى
لان الحوافز الضريبية تستهدف بشكل رئيسي الشركات الصغيرة والمتوسطة، فإن تأثير هذه التعديلات على الشركات الكبيرة أو متعددة الجنسيات قد يكون محدودًا، فالشركات الكبرى قد تتطلب حوافز أكبر من مجرد تخفيضات ضريبية على الإيرادات؛ فهي تحتاج إلى بيئة اقتصادية مستقرة تشمل تسهيلات أكبر في مجال التمويل، البنية التحتية، وتبسيط الإجراءات الإدارية.
تحديات التنفيذ والمتابعة
رغم أن التعديلات في قوانين الضرائب تبدو إيجابية من حيث النصوص ، فإن نجاح هذه الإصلاحات يعتمد بشكل كبير على تنفيذها الفعلي، ومن المتوقع أن تواجه الحكومة بعض التحديات في ضمان تطبيق هذه القوانين على جميع الشركات، خاصة في ظل التشعبات المعقدة في السوق المصري، كما أن ضمان عدمالاستفادة من هذه الحوافز الضريبية من جانب قطاعات غير مستحقة يتطلب رقابة فعالة وشفافية.
الظروف الاقتصادية العالمية
على الرغم من التعديلات الإيجابية في النظام الضريبي، إلا أن مصر لا تزال تواجه تحديات اقتصادية عالمية تؤثر على جذب الاستثمارات، منها تقلبات أسعار النفط، الأزمات الاقتصادية العالمية، والتحديات الداخلية مثل التضخم قد تؤثر على قرارات المستثمرين في نهاية المطاف.
خطوة مهمة وننتظر المزيد من مجلس النواب القادم
بالتأكيد، تمثل تعديلات قوانين الضرائب في مصر خطوة هامة نحو خلق بيئة استثمارية أكثر جاذبية. فهي توفر حوافز ضريبية كبيرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتسهّل دمج الاقتصاد غير الرسمي في النظام الرسمي، وتبسط الإجراءات الضريبية ، وستكون هذه الإصلاحات بمثابة “وقود” مهم في حال كانت مرافقة لسياسات اقتصادية متكاملة تهدف إلى تحسين الاستقرار الاقتصادي وتوفير بيئة أعمال مستقرة. أما إذا لم تُنفذ هذه التعديلات بفعالية، فقد تظل الآثار على الاستثمار محدودة.
ومع اقتراب انعقاد مجلس النواب الجديد بعد انتخابه يبقى الأمل معقوداً عليه في استكمال التشريعات وفي الرقابة الفعالة ……والحديث عن مجلس النواب يكون مقالنا القادم بإذن الله ….

























