كتب: نهلة الناقة
فى القصة القصيرة حياة كاملة لمشهد أو فكرة قد تكون فى أعين البعض صغيرة , ولكنها بين يدي يوسف إدريس نواة يزرعها فتثمر حكمة وهدف.
ولد يوسف إدريس فى 19 مايو 1927 فى بلدة البيروم التابعة لمركز فاقوس بمحافظة الشرقية, تخرج من جامعة القاهرة بعد أن حصل على بكالريوس الطب وتخصص فى الطب النفسى.
منذ سنوات الدراسة الجامعية وهو يحاول نشر كتاباته بعد أن لاقت قصته القصيرة الأولى شهرة كبيرة بين زملائه, وظهرت مجموعته الأولى أرخص ليالي عام 1954.
ومن أهم جوائزه التى حصل عليها(وسام الجزائر- وسام الجمهورية- وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى)
ومن أهم مؤلفاته مجموعته القصصية أرخص ليالى وروايته الحرام ومسرحية الفرافير ومقاله الشهير جبرتى الستينات وغيرهم من الأعمال .
زهرة هى الحياة ومهما ازدهرت أوراقها فإنها تذبل وتموت وهكذا يوسف إدريس بعد أن حصل على كل الشهرة والتقدير وبالطبع لقب أمير القصة العربية عاد محمولًا على الأعناق من لندن ليرقد فى هدووء فى تراب وطنه بين أحضان والده.
ولكن هذه ليست النهاية فيوسف إدريس لم يكن مجرد كاتب عادى وكتاباته لم تؤلف لتوضع على الأرفف فقط وقريته لم تندب فقيدها ثم تنساه فبعد رحيله أنشأت الدولة برعاية وزارة الثقافة مكتبة عامة تحمل اسمه وتقدم العديد من الخدمات الثقافية للجميع.
أفتتحت مكتبة يوسف إدريس عام 2003 فى مسقط رأسه بقرية البيروم بالشرقية, كانت المكتبة مقصد كل باحث عن الثقافة,عن متعة القراءة, عن تذوق الجمال الأدبي , كانت المكتبة كعبة الأدباء والمفكرين ليس فقط المحليين من محافظة الشرقية ولكن من كل المحافظات أيضا طبقا لما ذكرته السيدة منى الحداد الموظفة بالمكتبة.
تتكون المكتبة من ثلاث طوابق الأول قاعة كبيرة للأطفال تحوي قدر كبير من القصص الجميلة والمسلية الخاصة بالأطفال كما أنها مجهزة لمزج جو القراءة الهادئ بمرح وبراءة الطفولة, أما القاعة الرئيسية فهى فى الدور الثاني وهي مقسمة إلى أجزاء فمنها التاريخ والجغرافيا والأدب والفلسفة والتراجم وغيرهم من الأقسام المتاحة فى المكتبة, أما عن الدور الثالث فهو ملك ليوسف إدريس وحده به مكتبة كبيرة تحوى كافة مؤلفاته والجوائز التى حصل عليها وأيضا بذلته المفضله ونظارته وتمثاله الجيرى, ففى هذا الدور بالتحديد كل شىء تلامسه يشعرك بوجود يوسف إدريس حولك, يشعرك بمدى سعادته لوجودك داخل عالمه رغم أنها بنيت بعد وفاته إلا أن شخصيته طاغية عليها تراه فى كل ركن فى كل زاوية تزداد ضربات قلبك فقط لأنك أمام ذكرى هذا الأمير العظيم والكاتب الخلوق.
فتمثل هذه المكتبة فرحة داخلية لكل عشاق يوسف إدريس وخاصة أهل قريته والقرى المجاورة.
ويقول مديرها الأستاذ محمد على أنه بعدما وجدوا بالمكتبة بعض التلفيات فتقدموا للوزارة بطلب مبلغ لصيانتها وبالفعل بعد فترة ربما طالت قليلا أرسلت الوزارة المال اللازم لترميم المكتبة حيث جددوا الأرضيات وأعمال الدهانات والكهرباء وكل ذلك تحت إشراف مجلس المدينة, وعندما سألته عن بدء العمل أجاب أنه قيد الانتظار حتى ترسل الوزارة الدفعة الثانية من المبلغ لشحن أثاث المكتبة من قصر الثقافة بمدينة فاقوس.
مكتبة يوسف إدريس مركز مشع فى قلوب عشاق أمير القصة العربية وستظل كذلك.